أمّا شدّة أثرها على مَن شهد تلك الواقعة من الصحابة والتابعين فكثير جداً ، فعن زيد بن أرقم : ( قال كنت عند عبيد الله بن زياد (لعنه الله) إذ أتي برأس الحسين بن علي فوضع في طست بين يديه ، فأخذ قضيباً فجعل يفتر به عن شفته وعن أسنانه فلم أر ثغراً قط كان أحسن منه كأنّه الدر فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء ، فقال ما يبكيك أيّها الشيخ ؟! قال يبكيني ، رأيت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّل بعض موضع هذا القضيب ويلثمه ويقول اللّهم إنّي أحبّه )(١) .
وهذا يدلك على عظمة هذه الواقعة في نفوس المسلمين ودورها في تأجيج عواطفهم .
إذن من معطيات إقامة هذه المجالس والمآتم إبراز ذلك الجانب المأساوي لتلك الواقعة من أجل حفظ المبادئ الحسينية في وسط الأُمّة .
لقد ارتبطت أهداف وغايات إقامة المآتم والعزاء على الإمام الحسينعليهالسلام بأهداف الإمام الحسينعليهالسلام في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما أعلنعليهالسلام عن ذلك في بداية تحرّكه بقوله :( إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ) (٢) ، وقولهعليهالسلام للمسيب بن نجبة الفزاري وعدّة معه :( إنّي لأرجو أن يعطي الله أخي على نيّته وأن
ــــــــــــــ
(١) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٣٦ ؛ سير أعلام النبلاء : ج ٣ ص ٣١٥ .
(٢) الفتوح ، ابن أعثم : ج ٥ ص ٢١ .