11%

رابعاً : إبراز جانب القدوة في المجتمع

إنّ في إقامة هذه المآتم حثّاً على معرفة أهل الفضل والصفات السامية ، ومن ثمّ الإقتداء بهم ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر أنّ في هذه المآتم إبراز لدور القدوة والأسوة في حياة المجتمع ، فإنّ الإنسان إذا علم أنّ القدوة قد جسّد المبادئ الإسلامية التي كان يأمر ويدعو للإتيان بها ، فسيكون تأثيرها أوقع ممّا لو كانت مبادئ فارغة عن التجسيد في الواقع الخارجي ، فلو لم يقدّم الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه وأهل بيته وأصحابه في سبيل الله ، لما كان لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد والتضحية في سبيل الله وغيرها من مبادئ الإسلام ذلك التأثير البالغ الذي أعطته الثورة الحسينية لتلك المبادئ .

إذن هذه المآتم تقوم بإبراز ذلك الدور الأساس الذي قام بتجسيده إمامنا الحسينعليه‌السلام تجسيداً حيّاً وفعّالاً ، ولا يخفى ما لهذا من الأثر الكبير في نفوس المؤمنين .

خامساً : الحفاظ على استقلالية المذهب وتعبئة الجماهير

إنّ في إقامة المجالس حفظاً للمذهب من كيد الأعداء الذين طالما سعوا للقضاء على مذهب أهل البيت بالقتل والتشريد والتطريد وأنواع الظلم والجور والمكر والكيد ؛ لأنّ هذه الجالس ـ التي تعرض رزايا أهل البيتعليهم‌السلام وما جرى عليهم من المصائب ـ تقوّي من عزيمة المؤمن على ما يحل به من رزايا ومصائب ومحن إلى قيام دولة الحق والعدل على يد الإمام المهديعليه‌السلام ، كل ذلك من خلال طرح المفاهيم الإسلامية الصحيحة وبلورة الأسس الفكرية الصائبة وتوضيحها للناس ، من خلال ذكر أقوالهم وسيرتهم ومواقفهم في شتّى المجالات السياسية والاجتماعية والفكرية على مر الدهور ، وجعل أقوالهم وسيرتهم وما جرى عليهم نبراساً ينير الدرب ، ويُعبّد للمؤمنين طريقاً لا يمكن سلكه لو لا التزود من سيرتهم الحقّة ، فالمآتم والمجالس لها الدور الكبير في نشر علوم وفضائل أهل البيتعليهم‌السلام على مختلف المستويات والأصعدة ؛ لذا قيل : إنّ المذهب الشيعي يمتلك محورين أساسين لا يمتلكها أي مذهب آخر وهما نظام المرجعية في أمور الدين ، والمجالس الحسينية .

وهذان المحوران تفتقر إليهما المذاهب الأخرى ممّا جعلها تفقد حالة الاستقلالية ؛ ولذا احتاجت إلى الدعم السياسي لها من قِبل السلطات الحاكمة ، على عكس مذهب أهل البيتعليهم‌السلام الذي كان يتمتع باستقلالية تامة عن الحكومات الجائرة على رغم المحاربة التي لا هوادة فيها من قِبل تلك السلطات تجاه مذهب أهل البيتعليهم‌السلام .