من الأمور المهمّة والأساسية التي يقرّرها علماء أصول الفقه ، هي أنّ الشارع إذا لم يتصرف في الوجود الخارجي في مرحلة تطبيق الحكم على العنوان المأخوذ في لسان الدليل ، فلابد أن يكون وجوده هو ما يصدق عليه العنوان عرفاً .
وبعبارة أخرى : إنّ الأصل الأوّلي يقتضي كون وجود ما ينطبق عليه الحكم والعنوان عرفياً ، إلاّ أن يجعل له الشارع وجوداً خاصاً ، بأن ينصب دليلاً على ذلك ، ومثال ذلك تدخل الشارع في وجود وتحقق الصيغة المحققة للطلاق ، حيث نجد أنّ الشارع تصرّف في كيفية حصول الطلاق وإن لم يتصرّف في عنوان الطلاق اللغوي ، وكذلك الأمر بالنسبة للحلف فلا يكون قسماً شرعياً إلاّ بالله ، وكذا النذر لا يكون شرعياً إلاّ أن يأتي به الناذر بصيغته الخاصة ، فهذا تصرّف من الشارع في كيفية الوجود .
أمّا إذا لم يقم دليل من الشارع على ذلك ، فإنّ القاعدة والأصل الأوّلي يقتضي أن يكون وجوده وجوداً عرفياً ، كما في قوله تعالى :( وَأَحَلّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرّمَ الرّبَا ) (١) و( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) ، فحيث لم يأت دليل يتصرّف في كيفية وجود العقد البيعي في الخارج يكون البيع بمقتضى القاعدة ما هو المتداول عند العقلاء من العقود ، وقد أحلّها وأمضاها الشارع وأوجب الوفاء بها ، نعم قد يتصرّف الشارع في بعض الموارد كبيع السَّلم وغيره .
ــــــــــــــ
(١) البقرة : ٢٧٥ .
(٢) المائدة : ١ .