5%

حقيقة العبادة

عند التأمّل في حقيقة العبادة نجد أنّ المقوّم الأساسي لها ليس هو مطلق التذلّل والخضوع .

وبعبارة أخرى : إنّ المعنى الاصطلاحي للعبادة أخص من المعنى اللغوي ؛ إذ إنّها على المعنى الاصطلاحي تعنى الخضوع والتذلّل مع الاعتقاد بألوهية المعبود والمخضوع له وأنّ له حق التصرّف والتأثير المباشر في شؤون المخلوق بنحو الاستقلال ، بينما على المعنى اللغوي يكفي في تحقق وصدق مفهوم العبودية مجرّد تحقق الخضوع والخنوع والتذلّل للغير ، أو أنّه نهاية الخضوع والتذلّل ، وفرق بين المعنيين ، والشاهد على ما ذكرناه من المعنى الاصطلاحي ما ورد في القرآن الكريم ، حيث قال :( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ) (١) ، وقال تعالى :( وَاتّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ) (٢) ، وقال تعالى :( وَاتّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لّعَلّهُمْ يُنصَرُونَ ) (٣) ، وقال تعالى :( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبّي وَرَبّكُمْ ) (٤) ، وقال تعالى :( إِنّ هذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) (٥) ، وغيرها من الآيات التي تبيّن معنى العبودية ، أنّها بمعنى الاعتقاد يكون المعبود إلهاً وله مقام الربوبية ، فله حقّ التصرّف والتدبير في جميع شؤون العابد بنحو الاستقلال ، ومن أظهر مصاديق تحقق العبودية هو السجود

ــــــــــــــ

(١) الأعراف : ٥٩ .

(٢) مريم : ٨١ .

(٣) يس : ٧٤ .

(٤) المائدة : ٧٢ .

(٥) الأنبياء : ٩٢ .