ومنها : ما توسّل به سليمان للإتيان بعرش بلقيس ، فقد استعان بمَن عنده علم من الكتاب ، قال تعالى :( قَالَ يَا أَيّهَا الْمَلَؤُا أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مّنَ الْجِنّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مقَامِكَ وَإِنّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِينٌ * قَالَ الّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هذَا مِن فَضْلِ رَبّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَم أَكْفُرُ ) (١) .
ولم يعدّ الله سبحانه وتعالى جميع تلك الموارد شركاً ، فما هو الفرق بينها وبين التوسّل بالأرواح المقدّسة والطاهرة للأنبياء والأولياء والأوصياء ؟ وكيف يعد التوسّل بها شركاً وقد أمرنا الله تعالى باتخاذ الوسيلة إليه :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) (٢) .
وسوف يتضح لنا لاحقاً مصداق الوسيلة العظمى إلى الله تعالى ، وأنّها رسول الله الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيتهعليهمالسلام .
التوسّل والاستغاثة والشفاعة والاستعانة عناوين يجمعها قاسم مشترك واحد وهو الواسطة ، وقد ورد في البخاري في حديث الشفاعة يوم القيامة إطلاق لفظ الاستغاثة على الشفاعة ، عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : ( فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ، ثم بموسى ، ثم بمحمدصلىاللهعليهوآلهوسلم )(٣) .
ــــــــــــــ
(١) النمل : ٣٨ ـ ٤٠ .
(٢) المائدة : ٣٥ .
(٣) صحيح البخاري : ج ٢ ص ١٣٠ ؛ ونحوه مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ١٠ ص ٣٧١ ؛ فتح الباري ، ابن حجر : ج ١١ ص ٣٨٠ ؛ تفسير ابن كثير : ج ٣ ص ٥٩ .