التوسّل في الكتاب والسنّة وسيرة المسلمين
إنّ مبدأ التوسّل وجعل الواسطة بين العبد وبين ربّه من المبادئ القرآنية التي أكدت عليها الآيات المباركة ، وأمرت باتخاذها وتوسيطها ، فللّه تعالى وسائل ووسائط ذكرها القرآن الكريم ، وأمر بالرجوع إليها والتوسّل بها ، وجعلها حبلاً ممدوداً من السماء إلى الأرض ، يستجاب لمَن تمسّك به ، وتُقضى حوائج مَن استمسك بعروته الوثقى التي لا انفصام لها ولا انقطاع ، وإليك بعض تلك الآيات التي تعرضت للوسيلة والواسطة ونصّت على وجوب الرجوع إليها والتمسّك بها :
منها : قوله تعالى :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١) .
وهذه دعوة عامة من الله تعالى للتقرّب إليه بالوسائل ، وغير مختصة بسبب دون سبب آخر ، فهذه الآية المباركة تحث على التمسّك بكل واسطة ووسيلة موجبة للتقرّب إلى الله تعالى كالتوسل بالأسماء الإلهية ، والأعمال الصالحة ، ودعاء النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشخصه المبارك وحقه وجاهه وقبره وأهل بيتهعليهمالسلام ، وغير ذلك من الوسائل والوسائط التي نصّت عليها الآيات والسنّة النبوية كما سيأتي لاحقاً .
فالآية المباركة تحثّ المسلمين على ابتغاء الوسيلة والتوجّه بها إلى الله ، حيث إنّ الجار والمجرور ( إليه ) متعلّق بالوسيلة ، والابتغاء لم يأخذ إلاّ مفعولاً واحداً وهو الوسيلة ، فالمسلمون والمؤمنون مأمورون بابتغاء الوسيلة والفزع إليها وتوسيطها بينهم وبين الله تعالى ، ولا يمكن ابتغاء الله تعالى من دون الواسطة والوسيلة ، ولذا لم يكن الابتغاء في الآية إلاّ للوسيلة ؛ لكونها موصلة إلى الله سبحانه وتعالى ، فلا توحيد ولا عبادة صحيحة لله تبارك وتعالى إلاّ إذا كانت عن طريق الوسائل والوسائط بينه وبين خلقه ؛ ولذا كفر الشيطان عندما استكبر على وسيلة الله وخليفته آدم .
ــــــــــــــ
(١) المائدة : ٣٥ .