ومنها : قوله تعالى :( مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيّئَةً يَكُن لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلّ شَيْءٍ مُقِيتاً ) (١) ، فالشفاعة في هذه الآية المباركة ظاهرة في الشفاعة الدنيوية ؛ إذ إنّها تتحدث عن دار العمل والاكتساب لا دار الجزاء والحساب ، وقد نصّت هذه الآية الكريمة على مشروعية الشفاعة والواسطة الحسنة المجعولة من الله تعالى والمرضية لديه .
ومنها : قوله تعالى :( إِنّ الّذِينَ كَذّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لاَ تُفَتّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمّ الْخِيَاطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ) (٢) ، فالذين يكذبون بالآيات الإلهية ويستكبرون ويصدون عنها ولا يتوجّهون إليها ولا يوسّطونها بينهم وبين الله تعالى لا تفتح لهم أبواب السماء ، فلا يقبل لهم دعاء ، ولا يرتفع لهم عمل ، بل ولا يقبل منهم توحيدهم الذي يزعمون ، ولذا لا يدخلون الجنّة كما هو حال إبليس عندما استكبر وأبى أن يسجد لآدم .
نكتفي بهذا المقدار من البحث القرآني .
التوسّل في السنّة النبوية وسيرة المسلمين
لقد ورد في الروايات المعتبرة والصريحة التأكيد على صحّة التوسّل بذوات وحق الأنبياء والصالحين:
١ ـ عن ابن عباس ، عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه قال :( مَن سرّه أن يوعيه الله عزّ وجلّ حفظ القرآن ، وحفظ أصناف العلم ، فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف أو في صحفة قوارير ، بعسل وزعفران وماء مطر ، ويشربه على الريق ، وليصم ثلاثة أيام ، وليكن إفطاره عليه فإنه يحفظها إنشاء الله عزّ وجلّ ، ويدعو به في أدبار صلواته المكتوبة اللّهمّ إنّي أسألك بأنّك مسؤول لم يسأل مثلك ولا يسأل ، وأسألك بحق محمد رسولك ونبيّك ، وإبراهيم خليلك وصفيك ، وموسى كليمك ونجيّك ، وعيسى كلمتك ووجيهك وروحك ، وأسألك بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وفرقان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأسألك بكل وحي أوحيته ، وبكل حق قضيته ، وبكل سائل أعطيته ، وأسألك بأسمائك التي دعاك بها أنبياؤك فاستجيب لهم ، وأسألك
ــــــــــــــ
(١) النساء : ٨٥ .
(٢) الأعراف : ٤٠ .