هل هو التضحية أو التقيّة؟ ولا شكّ أنّ التكليف الغالب في عصورنا هذه، عصور الغيبة الكبرى هو: التقيّة وليس التضحية؛ لمدى تألّب الأعداء وترصّدهم في العالَم ضدّنا من كلّ صوبٍ وحَدب، بدون وجود طاقة فعليّة عند ذوي الإخلاص لمقابلتهم ومضادّتهم، ومَن تخيّل هذه القابليّة، فهو متوهِّم سوف يُثبت لهُ الدهر أعني بالتجربة وهمّته، والأفضل لهُ هو العمل بالتكليف الفعلي، وهو التقيّة المنتجة لحفظ أهل الحقّ من الهلاك المحقّق في أيّ نقطة من نقاط هذا العالَم المعروف.
الهدف الثامن: المحتَمل لحركة الحسينعليهالسلام ، ما يذكرهُ بعض الناس، أو طبقة من الناس: من أنّ الحسينعليهالسلام قُتل من أجل إقامة المأتم عليه والبكاء عليه، فإنّها من الشعائر الدينيّة المهمّة، التي توجِب هداية الكثير من الباطل إلى الحقّ.
ويمكن أن يُستدلّ على ذلك بما وردَ عن النبيصلىاللهعليهوآله :(إنّ لولَدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تخمُد إلى يوم القيامة) (١) ، وهذه الحرارة أمرٌ وجداني قائم فعلاً يحسّ بها الفرد المحبّ للحسين في قلبه، وهي التي تدفعهُ إلى التعب في هذا الطريق.
ونتكلّم عن هذا الهدف ضمن المستويات التالية:
المستوى الأوّل: إنّه ينبغي أن يكون واضحاً أنّ هذا الهدف بمجرّده لا يصلح أن يكون هدفاً لكلّ تلك التضحيات التي قام بها الحسينعليهالسلام ، إلاّ إذا اندرجت تحت عنوان أهمّ وأعمّ، وهو طاعة الله سبحانه، أو هداية الناس، أو الأجيال لهذه الطاعة، أو التضحية في سبيل عقيدة التوحيد، كما أسلفنا ونحو ذلك، ممّا تكون الشعائر والمآتم مصداقاً لها وتطبيقاً لها، وليس النظر إليها نظراً مستقلاً عن غيرها.
____________________
(١) مستدرك الوسائل: ج٢، ص٢١٧، الكافي للكليني: ج٨، ص٢٠٦.