٢- لا يعرفون أسماء الرجال الموالين والمعادين لكي يرووا تفاصيل أعمالهم.
٣- إنّ فهمهم الطفولي يومئذٍ لم يكن يساعد على الاستيعاب، وكان عُمر أحدهم يومئذٍ قد لا يزيد عن خمس سنوات بالمعدّل، ولم يكونوا بمعصومين لكي نقول: إنّ الفهم منهم لا يختلف باختلاف سِني العمر.
الأمرُ الثاني: إنّني لا أعتقدُ أنّهم مذكورون في أسناد الروايات الناقلة للتفاصيل عن واقعة الطف إلاّ نادراً، ولو كان الرواة المتأخّرون نسبيّاً قد سَمعوا منهم لذَكروهم في السند، اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ الحذف من السند كان لداعي التقيّة يومئذٍ؛ فإنّ نقلَ قصّة الحسينعليهالسلام كان مورداً للتقيّة المكثّفة والصعبة في زمن الأمويين الذين قتلوه ورضوا بمقتله، بل الأمر كذلك في زمن أكثر الخلفاء العبّاسيين أيضاً.
القسمُ الرابع: الأعداء الذين حاربوا الحسينعليهالسلام فعلاً في واقعة كربلاء، وكانوا حاضرين خلالها، ولكنّهم نجوا من الموت ورجعوا إلى بلداهم فأمكنهم أن ينقلوا القصّة ويسمع منهم الناس عنها الشيء الكثير.
ويُروى: إنّ المختار الثقفي حينَ أعلن الأخذ بثأر الحسينعليهالسلام ، كان يقبض على أعدائه واحداً واحداً، فيسأله عمّا فعلهُ في واقعة الطف، فيقتلهُ بالشكل الذي قَتلَ به الشهداء هناك(١) ، فقد حصلَ من ناحية الأعداء روايات تفصيليّة عن حوادث كربلاء، وهناك أخبار أخرى من غير هذا الأسلوب رويت عن:حميد بن مسلم، وزيد بن أرقم، وغيرهما.
فهل نستطيع أن نعتبر هذه الأخبار عنهم هي من أخبار الثقاة، مع أنّنا نعلم أنّهم أشدّ الناس فسقاً وعناداً ضدّ الإمام المعصوم، بل ضدّ الله ورسوله أيضاً، فإذا لم يكن الخبر خبر ثقة فكيف يمكننا الأخذ به؟
____________________
(١) مُروج الذهب: ج٣، ص٨٦.