7%

تألّبُ الناس ضدّه

إنّ ممّا يُبالغ في التأكيد عليه الخطباء الحسينيّون، لأجل الزيادة في المصيبة وحشد العواطف هو: التأكيد على تألّب الناس ضدّ الحسينعليه‌السلام ، حتّى أنّ أفراد القبائل - وهي مئات الألوف - قد خَرجت كلّها لحرب الحسينعليه‌السلام ، ولبعض الخطباء سياق كلامي خاصّ يُعدِّد فيه رايات القبائل التي أقبلَت للحرب، فيعدِّد أسماء خمسة عشر قبيلة أو أكثر من الساكنين في الكوفة وجنوب العراق:كتميم، وفزارة، وبجيلة، ومذحج، وربيعة، وطي، وأسد، وبني فلان، وبني فلان ..... كما ورَدَنا في التاريخ أنّ سوق الحدّادين في الكوفة بقيَ مشتغلاً ليلاً ونهاراً أيّاماً متطاولة قد تبلغ شهراً أو أكثر، لإصلاح السيوف والرماح والسهام والنبال، مُقدّمة للخروج لحرب الحسينعليه‌السلام (١) .

كما ورَدنا: أنّ الناس الخارجين في هذا السبيل، كانوا من الكثرة بحيث لم يستطيعوا أن يجدوا وسائط النقل من الجمال والأفراس والحمير حتّى رَكبوا البقر والثيران(٢) ، ثمّ يستشهد الخطباء بقول الشاعر:

بجحافلٍ في الطف أوّلها

وأخيرها بالشام متّصل(٣)

وهذا المفهوم الشعري يناسب أن تكون آلاف الكيلومترات بين كربلاء والشام (وهي منطقة دمشق الآن)(٤) ، وهي ليست في الحدود الشرقيّة لسوريا بل على الحدود الغربية لها، وهي الحدود مع لبنان.

والمسافة بينهما تُقدّر بحوالي ألفي كيلومتر، فإذا كانت كلّها مملوءة بالجيش المعادي كخطّ طويل مُحتشد في هذا البر المتطاوِل، فكم سوف يكون عدد أفراده؟

____________________

(١) أسرار الشهادة للدربندي: ص٤٤٥ بتصرّف.

(٢) مع الحسين في نهضته لأسد حيدر: ص١٧٣.

(٣) للشيخ الحاج حمّادي الكوّاز (١٢٤٥ - ١٢٨٣هـ)، توفي في مرض السِل وعمره فيما يُعتقد لم يتجاوز ٣٨ سنة، وهذا البيت من قصيدة طويلة والتي مطلعها:

أدهاك ما بي عندما رَحلوا

فأزالَ رَسمك أيّها الطَلَلُ

أدب الطف: ج٧، ص١٦١ - ١٧٢.

(٤) معجم البلدان للحَمَوي: ج٢، ص٤٦٣.