7%

تاسعاً: من الأمور التي ننصح بها الخطيب الحسيني أيّاً كان:

أن يحاول برمجة مصادره جهد الإمكان في قالب موحّد ومنسجم، وليس متنافراً ومتناقضاً من ناحية، ولا متباعداً ومتناثراً من ناحية، بل يذكر أموراً متقاربة تاريخيّاً منسجمة نظريّاً، ويبذل أقصى إمكانه فيه.

عاشراً: أن يَدع ما أمكن التفلسف في الحوادث، أعني التعرّض إلى الحُكم والأسباب التي اقتضتها، ما لم يَحرز في نفسه الإصابة لذلك، وإلاّ فليدع ذلك إلى أهله، وهو خيرٌ له في الدنيا والآخرة من أن يكلّف نفسه ما لا يُطيق، أو أن يُكلّف السامعين ما لا يطيقون، فقد تثبُت الشُبهة في أذهانهم ويكون الخطيب عاجزاً عن ردّها، أو عن إقناع السامعين بالرد، فيتورّط بالحرام من حيث لا يعلم، وليس ذلك فقط، أعني فيما يخصّ كربلاء، أو حركة الحسينعليه‌السلام ، بل كلّ أمور الشريعة على هذا الغرار، فلا ينبغي لأيّ فردٍ التعدّي إلى التفلسف فيها ما لم يَحرز في نفسه الأهليّة والقدرة، وإلاّ فمن الأولى لهُ إيكال عِلمها إلى الله سبحانه:( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ) (١) .

ومن أمثلة ذلك: ما سمعتهُ شخصيّاً من بعض الخطباء، حيث كان يُحلّل معنى ما ورد:(لا عَدوى في الإسلام) (٢) ، ولم يكن يُفلح في ذلك، وسمعتُ من بعضهم أيضاً: أنّه كان يُحلّل قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام ، على ما هو مروي في نهج البلاغة:(يا علي، إنّك ترى ما أرى وتسمعُ ما أسمع) (٣) .

____________________

(١) سورة آل عمران: آية ٧.

(٢) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ج١٩، ص٣٨١.

(٣) نهج البلاغة: خطبة ١٩٢، ص٣٠١، تحقيق د. صبحي الصالح.