يعني استعماله ضدّهم، ولن يستطيعوا أن يزيلوه بسهولة؛ وإنّما لابدّ من أن تنشب الحرب بينهم، وسيستعين في نفس الوقت بالمعاندين والمنافقين والفسقة الذين هم على استعداد لمعونته جزماً.
ونسمعهُ يقول في خطبته:(إنّي لا أقاتل مَن لم يقاتلني، ولا أثب على مَن لا يثِب عليّ..... ولكنّكم إن أبديتم صفحتكم ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم (يعني الحاكم الأموي)، فو الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبتَ قائمه بيدي، ولو لم يكن لي منكم ناصر ولا مُعين، أمّا إنّي أرجو أن يكون مَن يعرف الحقّ منكم أكثر ممّن يُرديه الباطل) (١) ، إلى آخر ما قاله، وهذا يعني عدّة أمور:
أوّلاً: مناجزتهم الحرب إذا هم حاربوا.
ثانياً: إعطاء الحريّة لهم في أن يفعلوا ما يشاءون ضمن التصرّف السلمي غير القائم على السلاح، وأعتقدُ أنّ هذا من النِعم الإلهيّة على مسلم بن عقيل وأنصاره استطاعوا فيه أن يُثبتوا وجودهم تامّاً.
ويكفينا تقييماً للحالة، لو استطعنا المقايسة بينها وبين ما أصبحَ عليه الحال عند حُكم عُبيد الله بن زياد، الذي عيّنه الحاكم الأموي بعد النعمان بن بشير.
ثالثاً: المسؤوليّة الأخلاقيّة تجاه النعمان بن بشير هذا، من حيث إنّه كفّ عنهم شرّه، فاللازم أن يكفّوا عنه شرّهم، وإذا لم يحاربوه، لم يمكنهم عزلهُ والسيطرة على الحكم، وعلى أيّ حالٍ فقد استطاع النعمان بن بشير بذلك أن يبقى هو الحاكم ما دام غير معزول من قِبل سيّده الأصلي الحاكم الأموي.
الأمر الثالث: إنّ مسلم بن عقيلعليهالسلام شعرَ أنّ قيام حرب واسعة في داخل المجتمع الإسلامي الجديد، الذي لم يكن قد تجاوز قَرنهُ الأوّل، سوف يكون كارثة على الإسلام كلّه،
____________________
(١) الكامل لابن الأثير: ج٣، ص٢٦٧، الإرشاد للمفيد: ص٢٥٠، الأخبار الطوال: ص٢١١.