7%

اغتيالُ ابن زياد

يقول لنا المؤرّخون ما مضمونهُ باختصار: إنّ شُريك بن عبد الله الحارثي ومسلم بن عقيل، كانا معاً نازلين في دار هانئ بن عروة المذحجي(١) ، فتمرّض شريك واشتدّ به المرض، فعلم بذلك عُبيد الله بن زياد حاكم الكوفة يومئذٍ، وكان له معهُ رفاقة، فأرسلَ إليه أنّه سيعوده في دار هانئ، وقبل مجيء ابن زياد تواطأ شريك مع مسلم على أن يغتال ابن زياد عند مجيئه، فلمّا كان من العشي أقبلَ ابن زياد وتخفّى مسلم في إحدى الغُرف كأنّه يستعدّ لاغتياله، ولكنّ هانئ اعترضهُ قائلاً:(إنّي لا أُحبّ أن يُقتل في داري) .

والمهمّ: أنّ مسلماً لم يقبل لقتل ابن زياد وخرجَ ابن زياد سالماً، فخرج مسلم من مكانه.

فقال له شريك: ما مَنعك من قتله؟ قال:خصلتان: أمّا إحداهما: فكراهة هانئ أن يُقتل في داره، وأمّا الأخرى: فحديث حدّثنيه الناس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ الإيمان قيّد الفتك، ولا يَفتك مؤمن) (٢) .

فقال هانئ: أمَا والله، لو قتلتهُ لقتلتَ فاسقاً فاجراً كافراً غادراً، ولكن كرهتُ أن يُقتل في داري(٣) .

____________________

(١) هانئ بن عروة المرادي المِذحجي: لقد ذَكر المؤرّخون أنّه كان شديد التشيّع، ومن أشراف الكوفة وقرّائها، ومن خواصّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، حضرَ حروبهُ الثلاث، وأدركَ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وتشرّف بصحبته ،وكان له يوم قتله بضع وتسعون سنة، وكان شيخ مراد وزعيمها إذا ركبَ ركبَ معه أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، فإذا أجابتها أحلافها من كندة وغيرها كان في ثلاثين ألف دارع (واقعة الطف لبحر العلوم: ص٢٨٦).

(٢) الفَتك: (فَتك فلان بفلان) أي: قتلهُ على غفلة، أو انتهزَ منه فرصة فقتلهُ (أقرب الموارد: ج٢، ص٩٠١، مجمع البحرين: ج٥، ص٢٨٣ بتصرّف).

(٣) هذا ما وردَ في تاريخ الطبري: ج٦، ص٢٠٤، وكذلك في مقاتل الطالبيين، والدمعة الساكبة: م١، ص٣٠٩ نقلاً عن البحار.

وقد ذكرَ هذه الرواية ابن الأثير في الكامل في التاريخ: ج٣، ص٢٧٠ إلاّ أنّه ذَكر أنّ مسلماً عندما سُئل عن عدم خروجه قال: (… وأمّا الأخرى، فحديث حدّثه عليّ عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الإيمان... إلخ) ، وهذا ما أوردهُ الخوارزمي أيضاً في مقتله: ج١، ص٢٠٢.

أمّا ابن نما الحلّي: فقد ذَكر في مُثير الأحزان: ص٢٠ أنّ زوجة هانئ هي التي مَنعت مسلم من قَتل عبيد الله بن زياد، ولم يَذكر الحديث.