7%

الوجه الثاني: لعدم اغتيال ابن زياد: ما ذكرهُ مسلم نفسه حسب الرواية(إنّ الإيمان قيّد الفتك، ولا يفتك مؤمن) .

إلاّ أنّ هذا بمجرّده لا يتمّ، إلاّ أن يرجع معناه إلى الوجه الآتي؛ وذلك لأنّ هذا الخبر يحتاج إلى الصحّة سَنداً ودلالة، أمّا السند، فيظهر حصول مسلم عليه مرسلاً غير موثوق؛ لأنّه عبّر عن أنّه حديث حدّثنيه الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الأمر الذي يدلّ على أن يجهل راويه، أو لا يوثّقه على أقلّ تقدير.

وأمّا من ناحية الدلالة، فهذا الأمر الذي كان عازماً عليه هو الغيلة أو الاغتيال، وليس الفتك فإنّه وإن كان قد يَرد في اللغة بهذا المعنى أيضاً، إلاّ أنّ لهُ معانٍ أخرى كالشجاعة بحيث لا يهاب أحداً، والاستقلال بالرأي عن الآخرين وغير ذلك(١) ، فلا يتعيّن أن يكون المراد من الخبر ذلك.

مضافاً إلى أنّ الاعتماد على خبرٍ من هذا القبيل، بل حتّى ولو كان صحيحاً، في دفع مصلحة عامّة في قتله، أو جلب مفسدة عامّة في حياته، كما قد حصلَ فعلاً، غير صحيح جزماً وغير مرضيّ لله عزّ وجل، ما لم يعِد الأمر إلى وجوه أخرى، أو إلى الوجه الآتي الذي سنذكره الآن.

الوجه الثالث: الأخلاقيّة في العلاقات مع الآخرين، الأصدقاء منهم والأعداء سِلماً كانت العلاقة أم حرباً أم قتلاً، ومن جملة الأسس الأخلاقيّة التي التزمَ بها المسلمون ونَصحت بها تعاليم الإسلام عدم البدء بالحرب والضرب، وإنّما يكون أهل الحقّ هم ثاني الضاربين لو صحّ التعبير، ليكون موقفهم أمام الله والناس هو الدفاع فقط، وكان ولازال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو نبيّ الرحمة، وليس من مقتضى الرحمة البدء بالهجوم، حتّى أنّ الحسينعليه‌السلام في ساحة كربلاء العسكرية التزمَ بذلك، وهذه مصلحة أخلاقيّة جليلة في الحرب والقتل والقتال،

____________________

(١) ومثله قولهم الفاتك: أي الجريء الشجاع، وقال ابن دريد: هو الذي إذا همّ بشيء فَعل (أقرب الموارد: ج٢١،ص٩٠١).