7%

الاعتذار عن الإحاطة التامَّة

نحن عندما ننظر إلى أيِّ أمر مُعقَّد، أو مربوط بالحكمة الإلهيَّة، أو بتصرُّف أحد المعصومين مِن قول أو فعل، أو أحد الراسخين في العلم، فسوف نواجه وعورة في السير وصعوبة في الرؤية، إلى حَدٍّ قد يكون أحياناً أنَّنا نجد الباب مُغلقاً أمامنا تماماً، للصعود الذي نطمع به ونطمح إليه، في هذا السبيل، وذلك بعد ملاحظة الأُمور التالية:

الأمر الأوَّل: إنَّه تمَّ البرهان في مباحث العقيدة الإسلاميَّة، على أنَّ العلم الإلهي والحكمة الإلهيَّة لا مُتناهيان ومُطلقان ولا حَدَّ لهما، وأنَّ اطِّلاعه جلَّ جلاله على الواقعيَّات على مُختلف المستويات أكيد، وثابت على أوسع نطاق. بلْ كلُّ صفاته الذاتيَّة هكذا جلَّ جلاله وكثير مِن أسمائه، فهو لا مُتناهي العلم والقدرة والحِكمة، والعدل والرحمة، والحياة والوجود، والجود والنعمة، إلى غير ذلك. كما ثبت أنَّ العقل الإنساني مهما تسامى، فهو محدود بحدود لا يُمكنه أنْ يتعدَّاها، كما سنُشير إليه، ومِن البديهي أنَّ المحدود يستحيل أنْ يُدرِك اللاَّ محدود.

إذن؛ فليس للإنسان أنْ يُدرِك العلم الإلهي والحكمة الإلهيَّة كما هي، وإنَّما ينال منهما بقدر استحقاقه وقابليَّته، وبمقدار عطاء الله له، و(العلم نور يقذفه الله في قلب مَن يشاء) (١) .

الأمر الثاني: إنَّنا نشعر وجداناً بعدم إحاطتنا بالواقعيَّات على واقعها، لا مِن ناحية العقل (النظري) ولا مِن ناحية العقل (العملي)(٢) ؛ فإنَّ العقل

____________________

(١) الوافي للفيض الكاشاني. ج١ ص ٧. المقدِّمة الأُولى.

(٢) العقل النظري: هو إدراك ما ينبغي أنْ يُعلَم.

والعقل العملي: هو إدراك ما ينبغي أنْ يُعمَل

وهذا التعريف ذكره نصَّاً سماحة المؤلِّف في أحدى مُحاضرات التفسير.