23%

مَعقل

يقول المؤرّخون: إنّ مَعقلاً حين أراد التجسّس لابن زياد، أقبلَ إلى المسجد، فرأى مسلم بن عوسجة يُصلّي فيه فسألَ عنه؟ فقيل له: هذا يبايع للحسين بن علي، فجاءه وجلس إلى جانبه، حتّى إذا فرغَ من صلاته سلّم عليه وأظهرَ لهُ أنّه رجل من أهل الشام، وأنّه مولى لذي الكلاع الحميري، وممّن أنعمَ الله عليه بحبّ أهل البيت وحُبّ مَن أحبّهم وتباكى له، وقال له: إنّ عنده ثلاثة آلاف درهم يريد بها لقاء رجل من أهل البيت، بَلَغه أنّه قدمَ إلى الكوفة يبايع لابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقبلَ منهُ مسلم بن عوسجة وأخذ منه البيعة على يده فوراً.

ثمّ أخذهُ إلى مسلم بن عقيل، فأخذَ عليه البيعة والمواثيق المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ، فأعطاهُ(مَعقل) من ذلك ما رضي به، ثمّ أمرَ مسلم أبا ثمامة الصائدي(١) بقبض المال منه، وكان قد عيّنه مسلم لقبض الأموال من الناس وتجهيزهم بما يحتاجونه من السلاح والعتاد، وظلّ معقل يختلف إلى دار هانئ كلّ صباحٍ ومساء، فهو أوّل داخل وآخر خارج، فينطلق بجميع الأخبار والأسرار، فيقرؤها في أُذن ابن زياد(٢) ، ممّا أدى في النتيجة إلى فشل مهمّة هذه الجماعة المحقّة وتفرّقها عن مسلم بن عقيل.

فهنا قد يرد السؤال عن السبب في انخداع مسلم بن عوسجة ومسلم بن عقيل وأصحابهما، بهذا الرجل المعيّن ضدّهم،

____________________

(١) أبو تمّام الصادئدي: هو عمرو بن عبد الله بن كعب الصائدي، من شهداء الطف، كان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، وكان بصيراً بالأسلحة، ولهذا لما جاء مسلم بن عقيل إلى الكوفة قامَ معه وصار يقبض الأموال، ويشتري بها الأسلحة بأمر مسلم بن عقيل.

وفي كتاب (نَفَس المهموم) أنّ أبا تمّام قال للحسين عليه‌السلام : يا أبا عبد الله، نفسي لك الفدى، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله لا تُقتل حتّى أُقتل إنشاء الله، وأحبُ أن ألقى ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي قد دنى وقتها، قال: فرفعَ الحسين رأسه ثمّ قال: (ذكرتَ الصلاة جَعلكَ الله من المصلّين الذاكرين، نعم، هذا أوّل وقتها) (الكُنى والألقاب: ج١، ص٣٣).

(٢) الإرشاد للمفيد: ص٢٠، مُثير الأحزان لابن نما: ص٢١، مناقب ابن شهرآشوب: ج٣، ص٢٤٢.