الإمام العظيم (سلام الله عليه)، والإمام نفسه مؤيَّد ومُسَدَّد مِن قِبَل الله سبحانه؛ ومِن هنا استطاع أنْ يعلم بنحو أو آخر بالأمر الإلهي المتوجِّه إليه بإيجاد هذه الحركة. أمَّا بالأمر الموروث إليه مِن قِبَل جَدِّه رسول اللهصلىاللهعليهوآله . أو بالعلم اللدُّني(١) ، أو التسديد الإلهي الموجود لديه كواحد مِن المعصومينعليهمالسلام .
وهنا يُمكن أنْ يُستدلَّ ببعض الأدلَّة الدينيَّة على إمكان النظر إلى المعصومينعليهمالسلام كقادة دنيويِّين، نذكر منها أهمَّها، كما يلي:
الدليل الأوَّل: قوله تعالى:( ... وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ... ) (٢) ، الدالَّة على أنَّ النبيصلىاللهعليهوآله مأمور بمُشاورة أصحابه في أُموره، وهو إنَّما يحتاج إلى هذه المشاورة بصفته قائداً دنيويَّاً؛ إذ لو كان مؤيَّداً ومُسدَّداً لما احتاج إلى هذه المشاورة.
ثمَّ إنَّه إذا ثبت ذلك للنبيصلىاللهعليهوآله بنصِّ الآية الكريمة، ثبت في غيره مِن المعصومين بطريق أولى، بصفته خيرهم وأعظمهم.
الجواب الأوَّل: إنَّنا إذا أمكننا أنْ نُجرِّد مِن أيِّ قائد معصوم قائداً دنيويَّاً، فلا يُمكن أنْ يكون ذلك مُحتملاً في حقِّ النبيصلىاللهعليهوآله ؛ لأنَّ ذلك الاتِّجاه الفكري، إذا حصل تشكيكه في كون سائر المعصومين ذوي تأييد وتسديد إلهيَّين، فإنَّه لا
____________________
(١) العلم اللَّدُني: وهو علم ربَّاني إلهامي، والعلم اللَّدُني هو الذي لا واسطة في حصوله بين النفس وبين الباري عَزَّ وجلَّ. وها هو كالضوء مِن سراج الغيب، يقع على قلبٍ صافٍ فارغٍ لطيف (تفسير القاسمي ج١١ ص ٤٠٩٧ نقلاً عن الغزالي)، ونجد مصداق هذا العلم في قوله تعالى:( فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ) الكهف آية ٦٥، أيْ علم لا صنعة فيه للأسباب العاديَّة كالحِسِّ والفكر، حتَّى يحصل مِن طريق الاكتساب، والدليل على ذلك قوله: (... مِن لَّدُنَّا...) فهو علم وَهبيٌّ غير اكتسابيٍّ، يختصُّ به أولياءه. وآخر الآيات تدلُّ على أنَّه كان علماً بتأويل الحوادث (الميزان ج ١٣ ص٣٤٢).
(٢) آل عمران آية ١٥٩.