وجواب هذا الدليل: إنَّ الصحيح - رغم كلِّ ذلك - ليس هو ذلك. فإنَّ هؤلاء غير المتديِّنين بالإسلام، والمشار إليهم في الدليل يُمكن تقسيمهم إلى عِدَّة أقسام في حدود ما ينفعنا في المقام.
القسم الأول: أنْ يكون الفرد دنيويَّاً، ولكنَّه موافق لنا في المذهب، فلا يحتاج إلاَّ إلى تفهيمه بحقيقة عقيدته وصفات قادته في صدر الإسلام.
القسم الثاني: أنْ يكون الفرد دنيويَّاً، ولكنَّه يتَّخذ أيَّ مذهب آخر مِن مذاهب الإسلام الرئيسيَّة، فيتمُّ تفهيمه بالحقيقة عن طريق عرض التواريخ الواردة إلينا مِن جميع علماء وقادة الإسلام الأوائل؛ مِن حيث إنَّ كلَّ المذاهب تعتقد بالضرورة لقادتها كرامات ومُعجزات وتأييدات إلهيَّة ونحو ذلك، مِمَّا يكاد أنْ يكون بالغاً حَدَّ التواتر، فالأمر ليس خاصَّاً بمذهب دون مذهب، بلْ هو أمر مُتَّفق عليه بين سائر المذاهب؛ فحيث إنَّ كلَّ المذاهب تعتقد به، فلا ضير على أيِّ مذهب أنْ يعتقد به.
القسم الثالث: أنْ يكون الفرد دنيويَّاً، ولكنَّه يعتنق ديناً آخر غير الإسلام، وأهمُّه النصرانيَّة واليهوديَّة، فمثل ذلك يتمُّ تفهيمه بالحقيقة عن طريق عرض التواريخ الواردة في دينه نفسه عن قادته الأوائل؛ مِن حيث إنَّ دينه قائم على ذلك، بلْ كلُّ الأديان قائمة عليه، وهو أمر مُتسالم بينها، على أنَّ جميع الأنبياء والأولياء وأضرابهم أصحاب مُعجزات وكرامات وإلهامات وتسديدات، فلا ضير على أيِّ شخصٍ إذا اعتقد ذلك في قادة دينه. وهذه التوراة وهذا الإنجيل الموجودان طافحان بذلك في عشرات - بلْ مئات - المواضع منها. كما هو واضح لمن يراجعها.
والنسخ منها مُتوفِّرة في كلِّ العالم بلُغات عديدة والرجوع إليها سهل. مِمَّا يوفِّر علينا مُهمَّة الاستشهاد السريع على ذلك، بلْ الأمر يتعدَّى النصرانيَّة واليهوديَّة إلى غيرها مِن الأديان،