إلقاء النفس في التَّهلُكة
ينبغي لنا، ونحن بصدد الحديث عن حركة الحسينعليهالسلام وثورته، أنْ نتصدَّى للجواب عن بعض الأسئلة الرئيسيَّة بهذا الصدد، ومِن أهمِّها ما قد يرد على بعض الألسن مِن أنَّ الحسينعليهالسلام ألقى نفسه في التَّهلُكة، وإلقاء النفس في التهلُكة حرام بنصِّ القرآن(١) .
وهذا لا وجه لا يخصُّ الإمام الحسينعليهالسلام ، وإنْ كان فيه أوضح باعتبار القرائن المتوفِّرة الواضحة، التي تدلُّ على مقتله لو سار في هذا الطريق، وعدم إمكانه الحصول على الانتصار العسكري المباشر، ولكنَّها أيضاً شُبهة موجودة بالنسبة للأئمَّة الآخرينعليهمالسلام ؛ مِن حيث سيرهم في طريق الموت في حين أنَّهم يعلمون بحصوله - كما هو المبرهن عليه والوارد عندنا في حقهم(٢) - وقد حصَّلنا فكرة كافية عن إحاطة علومهم فيما سبق.
إذاً؛ فهم يعلمون بحصول هذه الوفاة في هذا الطريق، فلماذا ساروا فيه؟! سواء كان المراد الأمام الحسين أم غيره مِن المعصومين. وهل السير في ذلك إلاَّ السير في طريق التهلُكة المحرَّمة بنصِّ القرآن الكريم؟!
ويُمكن الجواب على ذلك بعِدَّة وجوه نذكر أهمَّها:
الوجه الأوَّل: إنَّه يُمكن القول: إنِّ الآية الكريمة:( ... وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ
____________________
(١) وهو قوله تعالى: ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) سورة البقرة. آية ١٩٥.
(٢) أُصول الكافي للكليني ج١ ص٢٥٨ - باب ١٠٢- أعلام الورى للطبرسي ص٣٤٠ - مُرآة العقول للمجلسي ج٣ ص١٠٨.