7%

بالعكس على ما سوف نعرف، فإنَّ حفظ الإسلام يومئذ كان مُتوقِّفاً على التضحية لا على التقيَّة.

الأمر الرابع: مِن أسباب ترك الإمام الحسينعليه‌السلام للعمل بالتقيَّة: إنَّنا حتَّى لو تنزَّلنا عمَّا قلناه في الأمر الثالث، وفرضنا التقيَّة إلزاميَّة. إلاَّ أنَّ هذا الحكم بالإلزام ساقط بالمزاحمة مع الأهمِّ، إذ مِن الواضح مِن سياق الآيات أنَّ الأمر بالتقيَّة إنَّما هو في موارد فرديَّة مُتفرِّقة، والإمام الحسينعليه‌السلام واجه قضايا عامَّة تقتضي ترك التقيَّة والعمل بالتضحية:

أهمُّها: الطلب منه بمُبايعة الحاكم الأُموي - يومئذ - يزيد بن مُعاوية(١) .

وهو ما يترتَّب عليه نتائج وخيمة بالغة في الأهمِّيَّة، قد تؤدِّي إلى اندراس الإسلام الحقيقي، مُنذ عصره إلى يوم القيامة.

ومِن القضايا العامَّة المهمَّة التي واجهها (سلام الله عليه) طلب أهل الكوفة لمبايعتهم له وولايته الفعليَّة عليهم(٢) . وهو حُكم عامٌّ ومُهمٌّ شرعاً ومُتقدِّم على حُكم التقيَّة.

وكلا الأمرين لم يواجهه أحد مِن أولاده المعصومين التسعةعليهم‌السلام ؛ ومِن هنا كان عملهم بالتقيَّة مُتعيِّناً، ومِن الممكن القول: إنَّهم لو واجهوا ما واجهه الحسينعليه‌السلام لكان ردَّ فعلهم كردِّ فعله تماماً.

الأمر الخامس: إنَّ الحسينعليه‌السلام عَلِم - علماً طبيعيَّاً أو إلهاميَّاً - أنَّه سوف يموت على كلِّ حال حتَّى في مكَّة، فضلاً عن غيرها مِن بلاد الله؛ ولذا ورد عنه:(أنَّهم سوف يقتلوني حتَّى لو وجدوني مُتعلِّقاً بأستار الكعبة) (٣)

____________________

(١) البداية والنهاية لابن كثير ج٢ص١٤٦ - مروج الذهب للمسعودي ج٣ ص٦٥.

(٢) اللهوف لابن طاووس ص١٤ - تاريخ الفتوح لابن أعثم ج٥ ص٤٦ - أسرار الشهادة للدربندي ص١٩٩.

(٣) مرآة العقول للمجلسي ج٢ص١٩٤- مُثير الأحزان لابن نما الحلِّي ص٤١. بالمضمون، مِن الشبكة.