7%

ذلك غير معقول ولا يُريده الحسين لنفسه.

وأُكرِّر الآن: أنَّ المكان الوحيد البعيد الذي كان مُناسباً نسبياً، لم يكن إلاَّ اليمن، وهو الوحيد الذي ذكروه له، إلاَّ أنَّه رفضه، وكان رفضه بحسب فهمنا مُعتمداً على الوجهين الأوَّلين، اللذين قلناهما قبل قليل لهذه المناقشة فراجع وفكِّر، مُضافاً إلى أُمور أُخرى تعرفها مِن أجوبة المناقشات السابقة.

وحيث لم تتمَّ مُناقشة واحدة لهذا الهدف الحسيني الجليل؛ إذاً يتعيَّن الأخذ به، وهو ترك البيعة ليزيد بن مُعاوية، واختيار التضحية عليه، فإذا تمَّ هدف آخر فيما يلي، كان نوراً على نور، وإلاَّ ففي هذا الهدف الكفاية.

الهدف الثاني: الممكن لحركة الحسينعليه‌السلام الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى إيَّاه بها، ذلك الأمر المعروف لديه - إمَّا بالإلهام أو بالرواية عن جَدِّه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) - وكان يطلب ثواب الله وجزاءه الأُخروي على ذلك تماماً، كما يفعل أيُّ مؤمن حين يؤدِّي أيَّ واجب دينيٍّ، كالصلاة أو الصوم أو الحجِّ.

ويدلُّ على ذلك: ما ورد عن جَدِّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنَّه قال له في المنام:(يا بني، إنَّه لا بُدَّ لك مِن الشهادة، وإنَّ لك درجات عند الله عزَّ وجلَّ لن تنالها إلاَّ بالشهادة) (٢) ، كما يدلُّ عليه ما ورد: أنَّه بعد مقتلهعليه‌السلام وضعت أُخته الحوراء زينب (سلام الله عليها) يديها تحت جسده الطاهر وقالت: (اللَّهمَّ، تقبَّل منَّا هذا القُربان)(٣) ؛ لوضوح أنَّ القَبول إنَّما يكون لعمل مِن أعمال الامتثال والطاعة.

وهذا الهدف صحيح بكلِّ تأكيد، كما أنَّه بكل تأكيد هدف شخصيٌّ

____________________

(١) البحار للمجلسي ج٤٤ ص٣٢٨ أسرار الشهادة للدربندي ص٢٢٤

(٢) أمالي الصدوق، مجلس ٣٠ص١٣٥ الخوارزمي ج١ص١٨٧ البحار ج٤٤ص٣٢٨

(٣) الكبريت الأحمر ج٣ص١٣ عن الطراز المذهَّب.