10%

المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام هو رسالة السِلم، الذي يريد للإنسانية الرقيّ والتقدّم والحضارة، والسكينة والاطمئنان، فإنّ الإنسان غير الآمن في سِربه ومسكنه وحياته ؛ لا يتمكّن من أن يحقّق الازدهار والنموّ، بل كثيراً ما يسبّب فقدان الأمْن تحطيم الإنسان في أبعاده المختلفة، واستنفاد معنويّاته السامية التي تحافظ على كرامته وإنسانيّته، وفقدان الأمْن الناشئ من الخوف ونحوه، نتيجة طبيعية لركون الإنسان، بل المجتمع الإنساني برمّته، إلى المادّة والعزوف عن المعنويات عالية المضامين.

وخاتم الأديان جاء بمبادئه السامية لإنقاذ أهل المعمورة من ظلمات المادّة إلى نور المعاني الروحانية، وعلى رأسها التوحيد ؛ ليصل بالإنسان إلى سعادته الأبدية، ولتنظيم أمره ومجتمعه في دار الدنيا.

ولو طُبّق الإسلام بمبادئه التي نادى بها خاتم الرُسل، لكان المجتمع الإنساني اليوم على غير ما نحن عليه من التشتّت وانبساط الظلم والاضطهاد وهضم الحقوق، وكلّ هذا ناشئ من ظلم الإنسان لنفسه وأبناء جنسه، والتعدّي على حقوق غيره وأخْذ ما ليس له بحقّ.

وعلى أيّة حال، فالإسلام ينطوي في دستوره على مفاهيم ومبادئ راقية لتنظيم الأمر في دار الدنيا لبني الإنسان، ومن تلك المبادئ مبدأ "التعامل الإنساني " فيما بين الناس أنفسهم عامّة، وبين مَن ينتمي لهذا الدين من جهة وبين مَن لا ينتمي له من جهة أخرى خاصّة، وذلك من خلال الالتزام بمنح الحقوق لغير المسلم من جهة الحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي.

وارتأينا أن نطرق موضوع حقوق غير المسلم داخل المجتمع الإسلامي من وجهة نظر مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ؛ وذلك وِفقاً لطريقة المذهب الإمامي ؛ لنبيّن ما جاء به الإسلام وما دعا إليه في هذا المجال، ولرفع الشبهات التي تُثار على خاتم الأديان من هذه الناحية، لِما يتعرّض له الإسلام اليوم من هجمة شرسة تحاول طمس مبادئه، وإيقاف عجلته السائرة نحو سعادة