علل الأحكام وغيرها
وأجمعت العدلية من الشيعة والمعتزلة على أنّ كل حكم صادر من الشارع المقدّس لم يكن عفوياً مطلقاً، وإنّما كان منوطاً بمصلحة شاملة للفرد والمجتمع تعود عليهم بالخير العميم، سواء أكان ذلك الحكم واجباً أم مندوباً، وكذلك إذا كان الحكم محرّماً أم مكروهاً، فإنّه يشتمل على مفسدة ملزمة أو غير ملزمة تعود بالضرر الجسيم على الإنسان، وأنّ من المستحيل أن يصدر حكم من الشارع العظيم خالياً من المصالح أو فيه من المفاسد، فإنّ ذلك يستلزم الطعن في حكمة الشارع، كما يستلزم لغوية التشريع، وعدم فائدته. وخالفت في ذلك الأشاعرة فزعمت أنّ أحكام الشارع كلّها عفوية ومجرّدة عن الحكم والمصالح وهذا الرأي بادي الوهن يترتّب عليه كثير من اللوازم الفاسدة ذكرتها مصادر علم الكلام.
وعلى أي حال فقد أعلن الإمام الرضاعليهالسلام عن ضرورة اشتمال الأحكام الشرعية على المصالح في جانب الواجبات والمفاسد في جهة المحرمات، وقد أدلى بذلك في تقديم أجوبته عن علل بعض الأحكام التي سأله عنها الفضل بن شاذان، قالعليهالسلام : (إن سأل سائل هل يجوز أن يكلف الحكيم عبده فعلاً من الأفعال لغير علّة ولا معنى؟ قيل له: يجوز ذلك لأنّه حكيم غير عابث ولا جاهل. فإن قال قائل: فأخبرني لِم كلّف الخلق؟ قيل لعلل كثيرة. فإن قال فأخبرني عن تلك العلل