5%

مات الإمام المرتضى مسموما

وطوى الزمان فضائلاً وعلوما

قد مات في الزوراء مظلوماً

كما أضحى أبوه بكربلا مظلوما

فالشمس تندب موته مصفرّة

والبدر يلطم وجهه مغموما(1)

إنّ اغتياله للسادة العلويين، ومطاردتهم حتى هربوا خوفا منه مختفين في الأقطار والأمصار ينسف دعوى تشيّعه، وأنّه لا علاقة له بالولاء لأهل البيت شأنه شأن آبائه الذين هم من ألد أعداء أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أسباب تظاهره بالتشيّع:

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن بعض الأسباب التي دعت المأمون لتظاهره بالولاء لأهل البيتعليه‌السلام ، وإعلان تشيّعه في المحافل الرسمية، وفيما أحسب أنّ الذي دعاه لذلك ما يلي:

أ - إنّه كان مختلفاً كأشد ما يكون الاختلاف مع أسرته العباسية، الذين كانت ميولهم مع أخيه الأمين؛ لأنّ أمه السيدة زبيدة، وهي من صميم الأسرة العباسية، وكانت من أندى الناس كفّاً، ومن أكثرهم عطاء وصلة للعباسيين، أمّا أم المأمون فهي (مراجل)، وكانت من إماء القصر، وكان العباسيون يحتقرون المأمون من جهة أمّه، فأراد بما أظهره من الولاء للعلويين، وعقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام إرغامهم، وإذلالهم، وقهرهم.

ب - إنّه أراد بإظهاره التشيّع إرضاء قادة جيشه الذين كانت لهم ميول ومحبّة لأهل البيتعليهم‌السلام .

ج - وإنّما عمد المأمون إلى العطف على العلويين، وإذاعة فضائل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام جلب عواطف الشعب البار، الذين أترعت عواطفهم وقلوبهم بالمحبة والولاء لأهل البيتعليهم‌السلام وقد تسلّح بهم في محاربته لأخيه الأمين.

د - ومن الأسباب الوثيقة جداً التي دعت المأمون إلى التظاهر بالتشيّع وعقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام هو القضاء على الثورة العارمة التي فجّرتها الشيعة بقيادة السادة العظام من أبناء الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فقد التهمت الكثير من مناطق العالم الإسلامي، وكادت تقضي على الحكم العباسي، ولكنّه

____________________

(1) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 48 نقلاً عن مختصر الخلفاء.