30%

وتصريح الأحاديث الشريفة بأن التحلي بالانتظار الحقيقي يؤهل المنتظر ـ وبالآثار المترتبة عليه المشار اليها آنفاً ـ للفوز بمقام صحبة الإمام المهدي كما يشير الى ذلك الإمام الصادق في تتمة الحديث المتقدم حيث يقول: «مَن سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر»، وكذلك يجعله يفوز بأجر هذه الصحبة الجهادية وهذا ما يصرح به الصادقعليه‌السلام حيث يقول: «مَن مات منكم على هذا الأمر منتظراً له كان كمن كان في فسطاط القائمعليه‌السلام ...»(١) ، ويفوز أيضاً بأجر الشهيد كما يقول الإمام عليعليه‌السلام : «الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله»(٢) ، بل ويفوز بأعلى مراتب الشهداء المجاهدين، يقول الصادقعليه‌السلام : «مَن مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن كان مع القائم في فسطاطه; قال الراوي: ثم مكث هنيئة، ثم قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثم قال: لا والله إلاّ كمن استشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٣) .

والأحاديث المتحدثة عن آثار الانتظار كثيرة ويُفهم منها أن تباين هذه الآثار في مراتبها يكشف عن تباين عمل المؤمنين بمقتضيات الانتظار الحقيقي، فكلما سمت مرتبة الانتظار تزايدت آثارها المباركة وبالطبع فإن الأمر يرتبط بتجسيد حقيقة ومقتضيات الانتظار، ولذلك يجب معرفة معناه الحقيقي، وهذا مانتناوله في الفقرة اللاحقة.

حقيقة الانتظار

الانتظار عبارة عن: «كيفية نفسانية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره; وضده اليأس; فكلما كان الانتظار أشد كان التهيؤ آكد; ألا ترى أنّه اذا كان لك مسافر تتوقع قدومه ازداد تهيؤك لقدومه كلما قرب حينه، بل ربما تبدل رقادك بالسهاد لشدة الانتظار. وكما تتفاوت مراتب الانتظار من هذه الجهة، كذلك تتفاوت مراتبه من حيث حبك لمن تنتظره، فكلما اشتد الحب ازداد التهيؤ للحبيب وأوجع فراقه بحيث يغفل المنتظر عن جميع ما يتعلق بحفظ نفسه ولا يشعر بما يصيبه من الالآم الموجعة والشدائد المفظعة.

ـــــــــــ

(١) كمال الدين: ٦٤٥.

(٢) في الخصال: ٦٢٥ وعنه في بحار الأنوار: ٥٢/ ١٢٣.

(٣) المحاسن للبرقي: ١/٢٧٨، ٢٧٩ ح١٥٣ وعنه في بحار الأنوار: ٥٢/١٢٦ ح ١٨ .