هذه ـ على نحو الإيجاز ـ المحطات الرئيسة لتحرك الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ بعد ظهوره، وكل منها يشتمل على تفصيلات كثيرة لا يسع المجال لذكرها. لذا ننتقل للحديث ـ وبالإيجاز نفسه ـ عن سيرته بعد ظهوره في أبرز مجالاتها ثم عن خصائص عهده.
سيرته سيرة جدّه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم
تنص الأحاديث الشريفة أنهعليهالسلام يسير بسيرة جدهصلىاللهعليهوآلهوسلم الذي قال: «بُعثت بين جاهليتين لاُخراهما شر من أولاهما»(١) ، وبيّن لاُمته الكثير من مظاهر الجاهلية الثانية الأشد شراً، فالمهدي: «يصنع كما صنع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان قبله ويستأنف الإسلام جديداً»(٢) وقد تحدث النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم عن غربة الإسلام بعده ونقل عنه المسلمون ذلك(٣) .
فالمهدي يهدم الجاهلية الثانية كما هدم جدهصلىاللهعليهوآلهوسلم الجاهلية الأولى، ويستأنف الإسلام الذي عاد غريباً كما بدأ غريباً. ولكن ثمة فروقاً بين السيرتين تفرضهما بعض الخصوصيات الزمانية لكل منها. وهذه الخصوصيات الزمانية هي التي تفسّر الفروق في سيرتيهماعليهماالسلام كما سنلاحظ بعضها في سياساته العسكرية والقضائية والإدارية والدينية وغيرها. ولهذا فلا يضر ذلك بحقيقة أن سيرتيهما ـ صلوات الله عليهما ـ واحدة.
ـــــــــــ
(١) أمالي الشجري: ٢ / ٧٧.
(٢) غيبة النعماني: ٢٣٢، عقد الدرر للمقدسي الشافعي: ٢٢٧، تهذيب الأحكام: ٦/ ١٥٤.
(٣) مسند أحمد: ١ / ١٨٤، صحيح مسلم: ١ / ١٣٠، سنن ابن ماجة: ٢/ ١٣١٩، الترمذي: ٥:١٨.