أن يقُولوا آمنّا وهم لا يُفتنُونَ ) (١) كيف يتساقُطون في الفتنة، ويتردّدُون في الحيرة، ويأخُذُونَ يميناً وشمالاً، فارقُوا دينهم، أم ارتابُوا، أم عاندوا الحقَّ، أم جهلُوا ما جاءت به الرّوايات الصّادقةُ والأخبارُ الصّحيحةُ، أو علمُوا ذلك فتناسوا، ما يعلمون أن الأرضَ لا تخلو من حُجّة إمّا ظاهراً وإمّا مغُموراً.أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهمصلىاللهعليهوآلهوسلم واحداً بعد واحد إلى أنْ أفضى الأمر بأمرِ الله عزّ وجلَّ إلى الماضي يعني الحسن بن عليعليهماالسلام ) ـ فقام مقام آبائهعليهمالسلام يهدي إلى الحق وإلى طريق مُستقيم، كانُوا نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً، وقمراً زاهراً، ثُمَّ اختارَ اللهُ عزَّ وجلَّ له ما عندهُ فمضى على منهاج آبائهعليهمالسلام حَذْوَ النَّعل بالنَّعلِ على عهد عهدهُ، ووصيّة أوصى بها إلى وصيٍّ سترهُ الله عزّ وجلّ بأمره إلى غاية، وأخفى مكانهُ بمشيئة للقضاء السّابقِ والقدرِ النّافذ، وفينا موضعُهُ، ولنا فضلُهُ، ولو قدْ أذنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيما قدْ منعهُ عنهُ وأزال عنهُ ما قد جرى به من حُكمِهِ لأراهُم الحقَّ ظاهراً بأحسنِ حلية، وأبين دلالة، وأوضح علامة، ولأبانَ عن نفسهِ وقامَ بحُجّتهِ، ولكنَّ أقدار الله عزَّ وجلَّ لا تُغالبُ وإرادتهُ لا تُردُّ وتوفيقهُ لا يُسبقُ، فليدعُوا عنهمُ اتّباعَ الهوى، وليُقيمُوا على أصلهمُ الّذي كانُوا عليهِ، ولا يبحثُوا عما سُتر عنهُم فيأثَموا، ولا يكشفُوا سترَ الله عزَّ وجلَّ فيندموا، وليعلموا أنَّ الحقَّ معنا وفينا، لا يقُولُ ذلكَ سوانَا إلاّ كذَّابٌ مُفتر، ولا يدَّعيه غيرُنا إلاّ ضالٌّ غويٌّ، فليقتصرُوا منّا على هذِهِ الجُملةِ دُونَ التَّفسيرِ، ويقنعُوا من ذلكَ بالتَّعريضِ دُونَ التَّصريحِ إن شاءَ الله(٢) .
تقوى الله والنجاة من الفتن
يقولعليهالسلام في رسالته الثانية للشيخ المفيد وهي من الرسائل التي صدرت عنه في غيبته الكبرى: «... فلتكُنْ حرسَكَ اللهُ بعينهِ الّتي لا تنامُ أن تُقابل لذلكَ فتنةً تسبلُّ نُفُوسَ قوم حرثتْ باطلاً لاسترهاب المُبطلينَ ويبتهجُ لدمارها المُؤمنُونَ، ويحزنُ
ـــــــــــ
(١) العنكبوت (٢٩): ١ ـ ٢ .
(٢) كمال الدين: ٥١٠، بحار الأنوار: ٥٣/١٩٠، معجم أحاديث المهدي: ٤/٢٨٧ .