30%

إنّ انتشار أصل هذه الفكرة في جميع الأديان السماوية كاشفٌ عن أرضية اعتقادية مشتركة رسخها الوحي الإلهي فيها جميعاً، ودعمتها تجارب الأنبياءعليهم‌السلام التي شهدت غيبات متعددة مثل غيبة ابراهيم الخليل وعودته، وغيبة موسى عن بني اسرائيل وعودته اليهم بعد السنين التي قضاها في مدين، وغيبة عيسىعليه‌السلام وعودته في آخر الزمان التي أقرّتها الآيات الكريمة واتفق عليها المسلمون من خلال ورودها في الأحاديث النبوية الشريفة، وغيبة نبي الله إلياس التي قال بها أهل السنة كما صرّح بذلك مفتي الحرمين الكنجي الشافعي في الباب الخامس والعشرين من كتابه «البيان في أخبار صاحب الزمان»، وصرّح كذلك بايمان أهل السنة بغيبة الخضرعليه‌السلام وهي مستمرة الى ظهور المهديعليه‌السلام في آخر الزمان حيث يكون وزيره(١) .

بل إن انتشار فكرة غيبة المصلح العالمي في الأديان السابقة قد تكون مؤشراً على وجود نصوص سماوية صريحة بذلك كما سنلاحظ ذلك في نموذج النبوة الواردة في سفر الرؤيا من الكتاب المقدس والتي طبقها الباحث السني سعيد أيوب على المهدي الإمامي.

أما الاختلاف في تشخيص هوية المصلح الغائب فهو ناشئ من الخلط بين النصوص المخبرة عن غيبات بعض الانبياءعليهم‌السلام وبين النصوص المتحدثة عن غيبة المصلح العالمي، بدوافع عديدة سنشير إليها لاحقاً.

الاختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي

إذن فالإجماع قائم في الأديان السماوية على حتمية اليوم الموعود، وكما قال العلامة المتتبع آية الله السيد المرعشي النجفي في مقدمة الجزء الثالث عشر من «إحقاق الحق»: «وليعلم أن الأمم والمذاهب والأديان اتفقت كلمتهم ـ إلاّ من شذ وندر ـ على مجيء مصلح سماوي إلهي ملكوتي لإصلاح ما فسد من العالم وإزاحة ما يرى من الظلم والفساد فيه وإنارة ما غشيه من الظلم، غاية الأمر أنه اختلفت كلمتهم بين من يراه عُزيراً، وبين مَن يراه مسيحاً، ومن يراه خليلاً، ومَن يراه ـ من المسلمين ـ من نسل الإمام مولانا أبي محمد الحسن السبط ومَن يراه من نسل الإمام مولانا أبي عبد الله الحسين السبط الشهيد...».

ـــــــــــ

(١) البيان في أخبار صاحب الزمان: ١٤٩ ـ ١٥٠ .