10%

ويكون المراد بالدعوة في الآية هو الإحضار، أي إن كل اُناس ـ في كل عصر ـ محضرون بإمام عصرهم، ثم يُؤتى مَن اقتدى بإمام الحق كتابه بيمينه ويظهر عمى مَن عمي عن معرفة الإمام الحق في عصره وأعرض عن إتباعه. وهذا ما يعطيه التدبر في الآيتين الكريمتين مورد البحث كما يقول العلامة الطباطبائي في تفسيرهما(١) ، وقد عرض في بحثه لجميع أقوال المفسّرين في تفسير معنى الإمام هنا وبيّن عدم انسجامها مع الاستخدام القرآني وظاهر الآيتين، وهي أقوال واضحة البطلان، ولعل أهمها القول بأنّ المراد من الإمام: النبي العام لكل أمة، كأن يُدعى بأمة إبراهيم أو أمة موسى أو أمة عيسى أو أمة محمد ـ صلوات الله عليهم أجميعن ـ، وهذا القول أيضاً غير منسجم مع ظاهر الآيتين أيضاً لأنه يُخرج من حكمها العام الأمم التي لم يكن فيها نبي، وهذا خلاف ظاهرهما، كما أنه مدحوض بالآيات الاُخرى التي سنتناولها لاحقاً، إن شاء الله تعالى.

الإمام المنقذ من الضلالة

وعليه يكون محصّل الآيتين الكريمتين هو الدلالة على حتمية وجود إمام حق يُهتدى به في كل عصر، يكون حجة الله عزّ وجلّ على أهل زمانه في الدنيا والآخرة، فتكون معرفته وأتباعه في الدنيا وسيلة النجاة يوم الحشر; فيما يكون العمى عن معرفته واتباعه في الدنيا سبباً للعمى والضلال الأشد في الآخرة يوم يُدعى كل اُناس بإمام زمانهم الحق، ويُقال للضالين عنه: هذا إمامكم الذي كان بين أظهركم فلماذا عميتم عنه؟ وبذلك تتم الحجة البالغة عليهم، وتتضح حكمة دعوتهم وإحضارهم به يوم القيامة.

ونصل الآن للسؤال المحوري المرتبط بما دلّت عليه هاتان الآيتان، وهو: ـ مَن هو الإمام الحق الذي يكون حجة الله على خلقه في عصرنا هذا؟ فإنّه لابد للإمام الحقّ من مصداق في كلّ العصور كما نصت عليه الآيتان المتقدمتان.

وللإجابة على هذا السؤال من خلال النصوص القرآنية وحدها ـ باعتبارها حجة على الجميع ـ ينبغي معرفة الصفات التي تحددها الآيات الكريمة للإمام الحق، ثم البحث عمن تنطبق عليه في زماننا هذا.

ـــــــــــ

(١) تفسير الميزان: ١٣/ ١٦٥ ـ ١٦٩، وما أوردناه مستفادٌ من بحثه التفسيري لهما.