معنى «الهادي» في القرآن
والآية التي ذكرت أعلاه تدل على أن الأرض لا تخلو من هاد يهدي الناس الى الحق، « إما أن يكون نبيّاً وإما أن يكون هادياً غير نبيّ يهدي بأمر الله»(١) ..وإطلاق الآية الكريمة ينفي حصر مصداق «الهادي» في الآية بالأنبياءعليهمالسلام كما ذهب لذلك الزمخشري في الكشاف في تفسير الآية. لأن هذا الحصر يخرج الفترات التي لم يكن فيها نبيّ من حكم الآية الكريمة العام وهذا خلاف ظاهرها المصرّح بوجود هاد في كل عصر لا تخلو الأرض منه.
فمَن هو الهادي في عصرنا الحاضر؟ نرجع الى القرآن الكريم للحصول على الإجابة، فنلاحظ الآيات الكريمة تحصر أمر الهداية الى الحق على نحو الأصالة بالله تبارك وتعالى، ثم تثبتها للهادين بأمره على نحو التبعية، يقول عزّ وجلّ:( قُل هل من شركائكم مَن يهدي الى الحقّ قل الله يهدي للحقّ أفمن يهدي الى الحق أحقُّ أن يتّبع أمّن لا يهدّي إلاّ أن يُهدى فمالكم كيف تحكمون ) (٢) .
تلخّص الآية الكريمة وبلغة إحتجاجية الرؤية القرآنية لموضوع الهداية الى الحق التي فصلتها العديد من الآيات الكريمة، وهي حصر الهداية الى الحق بالله تبارك وتعالى على نحو الإطلاق: «قل الله يهدي الى الحق».
ثم قررت الآية الكريمة أن الذي يجب اتباعه من الخلق ليس الذي لا يستطيع أن يهدي إلاّ أن يهتدي بغيره من البشر، بل الذي يكون مهتدياً بنفسه دون الحاجة الى غيره من البشر، فإن الكلام في الآية ـ كما يقول العلامة الطباطبائيرحمهالله في تفسيرها: «قد قوبل فيه قوله: (يهدي الى الحق)بقوله (مَن لا يهدِّي) مع أن الهداية الى الحق يقابلها عدم الهداية الى الحق، وعدم الاهتداء الى الحق يقابله الاهتداء الى الحق، فلازمُ هذه المقابلة الملازمةُ بين الاهتداء بالغير وعدم الهداية الى الحق، وكذا الملازمة بين الهداية الى الحق والاهتداء بالذات فالذي يهدي الى الحق يجب أن يكون مهتدياً بنفسه لا بهداية غيره والذي يهتدي بغيره ليس يهدي الى الحق أبداً.
ـــــــــــ
(١) تفسير الميزان: ١/٣٠٥.
(٢) يونس (١٠): ٣٥ .