وتنفك أُخرى ، فلو تكوّنت في نفسه مبادئ الخوف والرجال لقام به وإلاّ فلا يقوم به ولا تتحقّق الغاية لكن تتمّ عليه الحجّة .
وعلى ذلك فما اشتهر على الألسن من أنّ الإرادة التشريعية عبارة عن تعلّق إرادة الآمر بفعل الغير تسامح في التعبير ومن باب إقامة الغاية مكان ذيها .
والذي يوضح ذلك : إنّ إرادته سبحانه لا تنفكّ عن مراده ، ومن المستحيل أن يخاطب شيئاً ب- ( كن ) ولا يتحقّق ، ولسعة قدرته وعموميتها ، قال سبحانه :( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (١) ، فلو تعلّقت إرادته بفعل العباد كالصلاة والصوم لما أنفكّ عنهم ولو تعلّقت على إيمانهم وهدايتهم ، لما وجد على أديم الأرض عاصٍ ومتمرّد ، قال سبحانه :( وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) (٢) ، وتكون نتيجة ذلك كونهم مجبورين في قبول الهداية ، ومضطرين إلى الطاعة ، فلا يقام لمثلها وزن ولا قيمة ، وهذا يعرب بوضوح عن أنّ متعلّق إرادته في مجال التشريع هو فعل نفس المشرع وهو التشريع ، وهو بعد غير منفك عن إرادته ، موجود معها
لو كانت الإرادة في المقام إرادة تكوينية ، فبما إنّ إرادته سبحانه لا تتخلّف عن المراد فلازمها هنا كون طهارتهم وابتعادهم عن الرجس أمراً جبرياً لا يتخلّف ، وهذا لا يعدّ فضيلة وثناء لأهل البيت مع أنّ الآية بصدد الثناء عليهم .
وقد أجاب عنه المحقّقون على وجه الإجمال وقالوا : إنّ القدرة والتمكّن من فعل المعصية ثابت للمعصوم ، والعصمة مانع شرعي ، ولا منافاة بين عدم القدرة الشرعية والقدرة الذاتية ، وهذا الجواب بإجماله كاف لأهل التحقيق ولكن يحتاج
____________________
١- يس : ٨٢ .
٢- الأنعام : ٣٥ .