ولا يخفى أنّ هذا الإشكال نشأ من اتخاذ موقف خاص بالنسبة إلى أهل البيت ؛ بشهادة أنّ هذه اللفظة وردت في كثير من الآيات مع أنّه ما خطر ببال أحد مثل هذا الإشكال قال سبحانه :( يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ ) (١) ، وقال :( وَاللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) (٢) ، وقال :( يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ) (٣) ، وقال :( وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (٤) ، أضف إلى ذلك أنّ هناك قرينة واضحة على تحقّق الإرادة بشهادة أنّ الآية في مقام المدح والثناء .
وأمّا الإتيان بصيغة المستقبل والعدول عن الماضي ، فهو لأجل ظهور فعل المستقبل في الدوام ، وهو سبحانه يريد إفادة دوام هذه الإرادة واستمرارها مدى الأيام والسنين .
خلاصة هذا السؤال ترجع إلى أنّ الإذهاب يتعلّق بشيء موجود ، فعلى ذلك يستلزم أن يكون هناك رجس موجود أذهبه اللّه وطهّرهم منه ، وهذا يضاد مقالة أهل العصمة ، ولكنّ السائل والمعترض غفل عن أنّ هذه التراكيب كما تستعمل في إذهاب الشيء الموجود ، كذلك تستعمل فيما إذا لم يكن موجوداً ، ولكن كانت هناك مقتضيات ومعدّات له حسب الطبيعة الإنسانية وإن لم يكن موجوداً بالفعل كقول الإنسان لغيره : أذهبَ اللّه عنك كلّ مرض ، ولم يكن حاصلاً له ، ولكن كانت بعض المعدّات للمرض موجودة .
____________________
١- النساء : ٢٦ .
٢- النساء : ٢٧ .
٣- النساء : ٢٨ .
٤- النساء : ٢٦ .