وأخيراً بركت الناقة عند مربد يعود لغلامين يتيمين من بني النجار أمام دار أبي أيوب الأنصاري فأسرعت زوجته فأدخلت رحل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في دارها فنزل عندهم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أن تمّ بناء المسجد النبوي وبيتهصلىاللهعليهوآلهوسلم (١) .
وقد غيّر النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم اسم يثرب إلى (طيبة) (٢) واعتبر هجرته إليها مبدءاً للتأريخ الإسلامي (٣) .
لقد اجتاز النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بالمسلمين دائرة بناء الفرد ، وبوصوله إلى يثرب شرع في التخطيط لتكوين الدولة التي تحكمها قوانين السماء والشريعة الإسلامية السمحاء ومن ثم بناء الحضارة الإسلامية لتشمل كل الإنسانية في مرحلة ما بعد الدولة.
ومن اُولى العقبات أمام تأسيس الدولة الإسلامية وجود النظام القبلي الذي كان يحكم العلاقات في مجتمع الجزيرة، كما أن ضعف المسلمين كان لابد له من معالجة واقعية، فكان المنطلق بناء المسجد ليكون مكاناً لمهام متعددة، ومركزاً للسلطة المركزية التي تدير شؤون الدولة. وتمّ تعيين الأرض وشرع المسلمون بهمّة وشوق في العمل الجادّ لبناء المسجد وما يتطلبه من مستلزمات، وكان الرسول هو القدوة والأسوة ومنبع الطاقة التي تُحرِّك المسلمين في العمل فشارك بنفسه في حمل الحجارة واللبن، وبينما هوصلىاللهعليهوآلهوسلم ذات مرة ينقل حجراً على بطنه استقبله أُسيد بن حضير فقال: يا رسول الله أعطني أحمل عنك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا، اذهب فاحمل غيره.
ــــــــــــ
(١) راجع السيرة النبوية: ١ / ٤٩٤.
(٢) ابن خلدون: المقدمة / ٢٨٣، وتاج العروس: ٢ / ٨٥ .
(٣) تأريخ الطبري (الأمم والملوك) : ٢ / ١١٠ ـ ١١٤.