إذا جاء وقتها ، ونزل الوحي الإلهي يعلّم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم صيغة الأذان(١) فدعا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه بلالاً وعلّمه كيفية الأذان.
وكان النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم طوال فترة تواجده في مكة يتجه في صلاته نحو بيت المقدس ولم يغيّر من اتجاه صلاته بعد هجرته المباركة إلى سبعة عشر شهراً ثم أمره الله أن يتجه في صلاته نحو الكعبة.
وقد أمعن اليهود في عدائهم للدين الإسلامي واستهزائهم بالرسول والرسالة حتّى أنهم كانوا يفخرون على المسلمين بتبعيّتهم لقبلة اليهود فكان هذا يحزن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم وأصبح ينتظر نزول الوحي الإلهي بتغيير القبلة ، وخرج النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم في جوف الليل يطيل النظر إلى آفاق السماء فلمّا أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلّى من الظهر ركعتين فنزل جبرئيلعليهالسلام فأخذ بعضديه وحوّله إلى الكعبة وأنزل عليه قوله تعالى: ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (٢) .
وقد كانت حادثة تحويل القبلة بمثابة اختبار للمسلمين في مدى طاعتهم وانقيادهم لأوامر الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتحدّياً لعناد اليهود واستهزائهم وردّاً لكيدهم كما كانت منطلقاً جديداً من منطلقات بناء الشخصية المسلمة (٣) .
لقد كانت القوّة هي التي تحكم الناس وتسودهم، وفي هذا الظرف تحرّك النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمون ـ بعد الاستقرار النسبي في المدينة ـ ليؤكّد لكل القوى المؤثرة في الجزيرة بل وخارجها ـ كالروم وفارس ـ إصراره على نشر الرسالة الإسلامية وبناء الحضارة وفق تعاليم السماء، وكان للمسلمين من أدوات البناء ما لم يملكه غيرهم، فهم أصحاب عقيدة وفكر وطلاّب حقٍّ وعدل، ومشرّعي سلام وأمان، وأهل سيف وقتال.
ــــــــــــ
(١) الكافي: ١ / ٨٣ ، تهذيب الأحكام: ١ / ٢١٥.
(٢) البقرة (٢): ١٤٤ .
(٣) راجع مجمع البيان: ١ / ٤١٣ .