رجلين كان لهما مني أمان وجوار، لأدفعنّ ديتهما) (١) .
تتابعت النكبات على المسلمين حتى بدى للمنافقين وليهود المدينة أن هيبة المسلمين قد ضاعت، وأراد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بحكمته السياسية أن يحدّد ملامح التصرف الصحيح مع يهود (بني النضير) مبرزاً نواياهم، فاستعان بهم على دفع دية القتيلين. فتلقوه قرب مساكنهم مرحّبين به وبجماعة من المسلمين وهم يضمرون السوء، فطلبوا منه الجلوس ريثما يحققون له طلبه. فجلس مستنداً إلى جدار بيت من بيوتهم فأسرعوا ـ مستغلّين الفرصة ـ لإلقاء حجر عليه وقتله، فهبط الوحي عليه يخبره، فانسلّ من بينهم تاركاً الصحابة معهم، فاضطرب بنو النضير وأمسوا في حيرة من أمرهم وباتوا قلقين بشدة من سوء فعلتهم، وأسرع الصحابة إلى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في المسجد يستطلعون سرّ عودته فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم : (همّت اليهود بالغدر بي فأخبرني الله بذلك فقمت)(٣) .
وبذلك استحلّ الله دماءهم إذ نقضوا عهد الموادعة مع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وهمّوا بالغدر به فلم يكن لهم إلاّ الجلاء عن المدينة. وتدخّل زعيم النفاق عبد الله بن اُبي وغيره يمنّون بني النضير بعدم الامتثال لأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والثبات له ووعدهم بأ نّه وجماعته سيمدونهم مقابل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولن يخذلوهم، وتحصن بنو النضير في حصونهم متمرّدين على أمر النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم .
ــــــــــــ
(١) السيرة النبوية ٣ : ١٩٣ ـ ١٩٥ .
(٢) وقعت هذه الغزوة في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة .
(٣) الطبقات الكبرى: ٢ / ٥٧ ، امتاع الاسماع: ١ / ١٨٧.