9%

واستخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن اُم مكتوم على المدينة حين علم بمساعي المنافقين وخرج لمحاصرة بني النضير واتّبع معهم اسلوباً اضطرّهم إلى التسليم والخروج بما تحمله إبلهم فقط أذلّةً خاسئين (١).

وغنم المسلمون أموالاً وسلاحاً كثيراً ولكن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع المسلمين وعرض عليهم رأيه في أن تكون الغنائم للمهاجرين خاصة كي يتحقّق لهم الاستقلال الاقتصادي إلاّ سهل بن حنيف وأبا دجانة وهما من فقراء الأنصار فأعطاهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذه الغنائم(٢) .

٨ ـ مناوشات عسكرية بعد اُحد :

ساد الهدوء والاستقرار أجواء المدينة واضطرب المنافقون قلقاً من انكشاف أساليبهم وأيقنوا أن الدور القادم هو دور تحطيمهم. وفي هذا الظرف وردت أخبار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ غطفان تعدّ العدّة لغزو المدينة فأسرع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون في الخروج إليهم ولكنهم فوجئوا بالعدو قد أعدّ واستعدّ لملاقاتهم فتهيّب كل من الفريقين الآخر ولم يقع أي قتال. وفي هذه الغزوة صلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الخوف بالمسلمين إذ لم يتسنَّ لهم الغفلة عن العدو برهة من الزمن، وعاد المسلمون إلى المدينة دون قتال(٣) ، وسميت هذه الغزوة بـ (ذات الرقاع).

بدر الموعد ( بدر الصفراء ) مرّت الأيام الحرجة على المسلمين بسرعة وقد ازدادوا خبرة قتالية وتنزّلت عليهم أحكام الشريعة فتهذّبت العلاقات وانتظمت شؤون حياتهم في عامة جوانبها وازداد الإيمان رسوخاً وثباتاً وبرزت نماذج رائعة من الصمود والتضحية والفداء والإخلاص للدين الإسلامي وللاُمة المسلمة وأوشكت أن تنمحي آثار الانكسار في اُحد. وحلّ موعد التهديد الذي أطلقه زعيم الكفر أبو سفيان في اُحد حين قال: موعدنا وموعدكم بدر، قاصداً الانتقام لقتلى المشركين يوم بدر. فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ألف وخمسمائة مقاتل من أصحابه وعسكر هناك ثمانية أيام ولم تفلح مساعي المشركين لتخويف المسلمين وثنيهم عن الخروج بل تملّكهم الخوف حين علموا بما عزم عليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون فاضطر أبو سفيان إلى أن يخرج إلى الموعد المحدد ولكنه كرّ راجعاً بحجّة الجفاف والجدب المؤثر على الاستعداد العسكري. وبذلك وصمت قريش بعار الهزيمة والجبن وارتفعت معنويات المسلمين واستردّوا عافيتهم ونشاطهم.

ــــــــــــ

(١) وصفت سورة الحشر احداث جلاء بني النضير.

(٢) الإرشاد: ٤٧.

(٣) راجع السيرة النبوية: ٢ / ٢٠٤.