9%

وأرسل الله سبحانه وتعالى على الأحزاب ريحاً عاتية باردة أحدثت فيهم رعباً وقلقاً فاقتلعت خيامهم وكفأت قدورهم، فنادى أبو سفيان بقريش للرحيل فأخذوا معهم من المتاع ما استطاعوا حمله وفرّوا هاربين وتبعتهم سائر القبائل حتى إذا أصبح الصباح لم يبق أحد منهم( وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) (١) .

٤ ـ غزو بني قريظة وتصفية يهود المدينة :

لقد كشف يهود قريظة عن الحقد والعداء الذي انطوت عليه نفوسهم يوم الخندق ولولا أن الله أخزى الأحزاب لتمكن يهود بني قريظة من الفتك بالمسلمين من خلف ظهورهم فكان لابد للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من معالجة موقفهم الخياني، ولهذا أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتحرك المسلمون لمحاصرة اليهود في حصونهم من دون أن يعطي فرصة للاستراحة مظهراً بذلك أهمية الحركة العسكرية الجديدة فأذّن المؤذن في الناس: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلينّ العصر إلا في بني قريظة(٢) .

وأعطى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رايته لعلي عليه‌السلام وتبعه المسلمون مع ما بهم من ألم الجوع والسهر والجهد من أثر محاصرة الأحزاب... واستولى الهلع والخوف على اليهود حين رأوا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين يحيطون بهم وأيقنوا أن النبي غير منصرف عنهم حتى يناجزهم.

وطلب اليهود أبا لبابة بن عبد المنذر ـ وكان من حلفائهم الأوس ـ

ــــــــــــ

(١) نزلت سورة الأحزاب وفيها تفاصيل ما جرى يوم الخندق.

(٢) الطبري: ٣ / ١٧٩.