9%

وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم مودّعاً حتى بلغ ثنية الوداع.

ولما بلغ جيش المسلمين منطقة (مشارق) فوجئ بالعدة والعدد الضخم لجيش الروم إذ بلغ عددهم مائتي ألف مقاتل فانحاز المسلمون إلى مؤتة وعزموا على مقاومة العدو. ولأسباب عديدة بان الانكسار في جيش المسلمين فقتل القادة الثلاثة جميعاً. وكان من عوامل الانكسار أنهم كانوا يقاتلون في منطقة غريبة عليهم وبعيدة عن مركز الإمدادات كما أنهم كانوا يقاتلون مهاجمين والروم بالعدد الضخم يقاتلون مدافعين، هذا مضافاً إلى التفاوت في الخبرة القتالية فجيش الروم قوة منظمة مارست حروباً سجالاً أما جيش المسلمين فكان قليل العدد والخبرة، فتيّاً في تكوينه(١) .

ولقد تأ لّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمقتل جعفر بن أبي طالب وبكاه بشدة، وذهب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيت جعفر يعزّي أهله ويواسي أبناءه، كما حزن كثيراً على زيد ابن حارثة (٢) .

٢ ـ فتح مكة(٣) :

لقد اختلفت ردود فعل القوى في المنطقة بعد معركة مؤتة، فالروم فرحوامن انسحاب المسلمين وعدم تمكّنهم من دخول الشام.

أما قريش فقد سادهم الفرح وانبعثت فيهم الجرأة على المسلمين وأخذوا يسعون لنقض صلح الحديبية عبر الإخلال بالأمن فحرّضوا قبيلة بني بكر على بني خزاعة (بعد أن دخلت قبيلة بني بكر في حلف قريش وخزاعة في حلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثر صلح الحديبية) وأمدّوها بالسلاح فعدت بكر على خزاعة غيلة وقتلوا عدداً من أفرادها وهم في ديارهم آمنين، وكان بعضهم في حال العبادة ففزعوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طالبين النصرة، ووقف عمرو بن سالم بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو جالس في المسجد ـ ينشد أبياتاً يعرض فيها نقض العهد. فتأثر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال:نُصِرْتَ يا عمرو بن سالم . أما قريش فقد انتبهت وأدركت سوء فعلتها وقد تملّكها الخوف والهلع من المسلمين فاجتمع رأيهم على إيفاد أبي سفيان إلى المدينة ليجدد الصلح ويطلب تمديد المدة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصغ لطلب أبي سفيان وسأله قائلاً:هل كان من حدث؟ قال أبو سفيان: معاذ الله ، فأجابه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :نحن على مدّتنا وصلحنا .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٨١.

(٢) بحار الأنوار: ٢١ / ٥٤، المغازي: ٢ / ٧٦٦، السيرة الحلبية: ٣ / ٦٨.

(٣) تم فتح مكة في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة.