بنى جذيمة بعد استسلامهم ثأراً لعمّه(١) وغضب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم حين علم بذلك وأمر علياً أن يأخذ أموالاً ويدفع دية المقتولين ثم قامصلىاللهعليهوآلهوسلم واستقبل القبلة رافعاً يديه وهو يقول:(اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) ، وبذلك هدأت نفوس بني جذيمة )(٢) .
أمضى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم خمسة عشر يوماً في مكة فاتحاً فيها عهداً جديداً من التوحيد بعد طول فترة من الشرك، والغبطة والسرور يعمّان المسلمين، والأمان يلفّ أم القرى، وترامت إلى أسماع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أن قبيلتي هوازن وثقيف قد أعدّتا العدّة لمحاربة الإسلام ظنّاً منهما أنّهما يُحققان ما عجزت عنه سائر قوى الشرك والنفاق من تدمير الإسلام، وعزم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم على الخروج لملاقاتهم ولكنه وطّد دعائم الإدارة في مكة قبل خروجه كما هي سيرته عند كل فتح، فعيّن معاذ بن جبل ليعلّم الناس القرآن وأحكام الإسلام كما عيّن عتاب بن أسيد للصلاة بالناس وإدارة الأمور.
وخرج النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم باثني عشر ألفاً من المقاتلين، وهي قوة لم يشهد المسلمون مثلها ممّا أدّى بهم إلى الغرور والغفلة حتى أن أبا بكر قال: لو لقينا بني شيبان لن نغلب اليوم من قلّة (٤) .
أما ( هوازن ) و ( ثقيف ) فقد تحالفتا وخرجتا بكامل عدّتهم مع نسائهم وأطفالهم وكمنوا لإرباك جيش المسلمين، وحين وصلت طلائع جيش المسلمين
ــــــــــــ
(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٢٠، الخصال: ٥٦٢، أمالي الطوسي: ٣١٨.
(٢) الطبقات الكبرى: ٢/١٤٨ .
(٣) وقعت معركة حنين فى شوال من السنة الثامنة للهجرة.
(٤) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٥٠، المغازي: ٢ / ٨٨٩ .