ونزل الوحي الإلهي ليبلّغ النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم مبدأً مهمّاً نصّه:(أنّه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك) . فاستدعى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم علياً وأمره أن يركب ناقته العضباء ويلحق بأبي بكر ويأخذ منه البلاغ ويؤديه للناس(١) .
ووقف علي بن أبي طالب بين جموع الحجيج وهو يتلو البيان الإلهي بقوة وجرأة تتوائم مع حزم القرار ووضوحه. ووقف الناس ينصتون إليه بحذر ودقة. وكان أثر الإعلان على المشركين أن قدموا مسلمين على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم .
اجتمع زعماء نصارى نجران وحكماؤهم يتدارسون أمر كتاب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يدعوهم فيه إلى الإسلام. ولم يتوصلوا إلى رأي قاطع إذ كانت في أيديهم تعاليم تؤكد وجود نبي بعد عيسىعليهالسلام ، وما ظهر من محمد فهو يشير إلى نبوّته. من هنا قرّروا أن يرسلوا وفداً يقابل شخص النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ويحاوره.
واستقبل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم الوفد الكبير وقد بدى عليه عدم الرضا لمظهرهم الذي كان يحمل طابع الوثنية، فقد كانوا يرتدون الديباج والحرير ويلبسون الذهب ويحملون الصلبان في أعناقهم. ثم غدوا عليه ثانية وقد بدّلوا مظهرهم فرحّب بهم واحترمهم وفسح لهم المجال ليمارسوا طقوسهم(٢) .
ثم عرض عليهم الإسلام وتلا عليهم آيات من القرآن فامتنعوا وكثر الحجاج معهم، فخلصوا إلى أن يباهلهم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وكان ذلك بأمر من الله عزّ وجلّ واتفقوا على اليوم اللاحق موعداً.
ــــــــــــ
(١) الكافي: ١ / ٣٢٦، الإرشاد: ٣٧، الواقدي: ٣ / ١٠٧٧، خصائص النسائي: ٢٠، صحيح الترمذي: ٢ / ١٨٣، مسند أحمد: ٣ / ٢٨٣، فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ٢ / ٣٤٣.
(٢) السيرة الحلبية: ٣ / ٢١١، السيرة النبوية: ١ / ٥٧٤.