كان الرسول الأكرم القدوة الحسنة للإنسانية جمعاء، يبلّغ آيات الله ويفسّرها ويفصّل أحكامها ببيان جلي، وجماهير المسلمين حريصة على الاقتداء به في القول والعمل. وبحلول شهر ذي القعدة من العام العاشر للهجرة عزم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم على أداء فريضة الحج ـ ولم يكن قد حج من قبل وذلك ليطلع الأمة على أحكام الله في فريضة الحج فتقاطرت ألوف المسلمين على المدينة وتجهّزوا للخروج مع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم حتى بلغ عددهم ما يقارب مائة ألف مسلم من مختلف الحواضر والبوادي والقبائل، تجمعهم المودة الصادقة والاُخوة الإسلامية والاستجابة لنداء الرسول القائدصلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن كانوا بالأمس القريب أعداءاً متنافرين، جُهّالاً كافرين. واصطحب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم معه كل نسائه وابنته الصديقة فاطمة الزهراء، وتخلّف زوجها علي بن أبي طالب في مهمة بعثه بها رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، واستعمل على المدينة أبا دجانة الأنصاري.
وفي منطقة ذي الحليفة أحرم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فلبس قطعتين من قماش أبيض ولبّى عند الإحرام قائلاً:(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لبيك لا شريك لك لبيك) .
وفي الرابع من شهر ذي الحجة الحرام شارف النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم مكة وقطع التلبية، ثم دخل المسجد الحرام وهو يكثر الثناء على الله ويحمده ويشكره فأستلم الحجر وطاف سبعاً وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم ثم سعى بين الصفا والمروة والتفت إلى الحجيج قائلاً:(من لم يَسُق منكم هدياً فليحلّ وليجعلها عُمرة، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه) .