الفصل الرابع: أيام الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم الأخيرة
ورغم ثقل الحمى وألم المرض خرج النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم مستنداً على عليعليهالسلام والفضل بن العباس ليصلي بالناس وليقطع بذلك الطريق على الوصوليين الذين خطّطوا لمصادرة الخلافة والزعامة التي طمحوا لها من قبل حيث تمرّدوا على أوامر الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم بالخروج مع جيش أُسامة بكل بساطة والتفت النبيّ ـ بعد الصلاة ـ إلى الناس فقال:(أيها الناس سُعّرت النار وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وإني والله ما تمسكون عليّ بشيء، إني لم أحلّ إلا ما أحلّ الله، ولم اُحرّم إلا ما حرّم الله) (١) فأطلق بقوله هذا تحذيراً آخر أن لا يعصوه وإن لاحت في الأفق النوايا السيئة التي ستجلب الويلات للأُمة حين يتزعّمها جهّالها.
واشتد مرض النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم واجتمع الصحابة في داره ولحق بهم من تخلّف عن جيش أُسامة فلامهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على تخلّفهم واعتذروا بأعذار واهية. وحاول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بطريقة أخرى أن يصون الأمة من التردّي والسقوط فقال لهم: ايتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده، فقال عمر ابن الخطاب: إنّ رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله (٢) .
ــــــــــــ
(١) السيرة النبوية: ٢ / ٩٥٤، الطبقات الكبرى: ٢ / ٢١٥.
(٢) صحيح البخاري كتاب العلم باب كتابة العلم وكتاب الجهاد باب جوائز الوفد.