كان من عادة قريش الخروج إلى الشام كل عام مرة للتجارة إذ كانت هي المصدر الرئيس للكسب وعزم أبو طالب على الخروج في هذه الرحلة ولم يكن يفكر في استصحاب محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم خوفاً عليه من وعثاء السفر ومخاطر اجتياز الصحراء، ولكن في لحظة الرحيل غيّر أبو طالب قراره إذ وجد الإصرار لدى ابن أخيه كبيراً حين أغرورقت عيناه بالدموع لفراق عمه، فكانت الرحلة الاُولى لمحمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الشام بصحبة عمّه. واطّلع محمّد في هذه الرحلة على طبيعة السفر عبر الصحراء وعرف طرق سير القوافل.
وفي هذه الرحلة شاهد بحيرا الراهب محمّداً والتقى به ووجد فيه علامات النبيّ الخاتم الذي بشّر به عيسىعليهالسلام إذ كان ممن خبر التوراة والإنجيل وغيرهما من المصادر المبشرة بظهور النبي الخاتم، فنصح عمه أبا طالب أن يعود به إلى مكة وأن يحتاط عليه من اليهود لئلاّ يغتالوه (١) فقفل أبو طالب راجعاً إلى مكة ومعه ابن أخيه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم .
لم يرو عن أئمة أهل البيتعليهمالسلام ما ينص على أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قد رعى الأغنام في صباه، نعم روي عن الإمام الصادقعليهالسلام حديث يعمّ الأنبياء فيما يخص الرعي وحكمة ذلك إذ جاء فيه:(ما بعث الله نبياً قط حتى يسترعيه الغنم، يعلّمه بذلك رعيه للناس) .
ــــــــــــ
(١) سيرة ابن هشام: ١ / ١٩٤، الصحيح من سيرة النبي: ١ / ٩١ ـ ٩٤.