الفصل الثاني: مراحل حركة الرسالة في العصر المكي
وبعد اللقاء الأوّل مع وحي النبوّة أخذت تتدرّج الآيات القرآنية بالنزول، ويبدو أنه بعد أن نزلت عليه الآيات الأولى من سورة المزمل شرع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يهيّء نفسه للخطوات التالية في طريق نشر الرسالة الإسلامية وبناء المجتمع الإسلامي، وكان عليه أن يعدّ العدّة لمواجهة الصعاب الكثيرة والمشاكل المتوقّعة، وأن يُحكم خطّته وأسلوبه في العمل.
إنّ أوّل ما بدأ به هو دعوة أهل بيته. أمّا خديجة (رضي الله عنها) فكان من الطبيعي أن تصدّق النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم حيث عاشرته عمراً طويلاً ووجدت فيه منتهى السموّ الأخلاقي والطهر الروحي والتعلق بالسماء.
ولم يتكلّف النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم جهداً في دعوة ابن عمه وربيبه علي بن أبي طالبعليهالسلام الذي كان يحمل بين جوانحه قلباً طاهراً لم تلوّثه عبادة الأصنام قطّ، فبادر إلى التصديق به فكان أوّل القوم إسلاماً(١) .
وكان اختيار النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي صائباً وموفّقاً لما كان يملكه عليّ عليهالسلام من مؤهلات الطاعة والانقياد والقوة والاندفاع في الوقت الذي كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأَمسّ الحاجة إلى الناصر والمؤازر، فكان عليعليهالسلام يمثّل ذراع النبوة في تبليغ الرسالة منذ انطلاقتها والعين الباصرة، ولسان الدعوة الناطق بها.
ــــــــــــ
(١) السيرة النبوية لابن هشام : ١/٢٤٥ باب ان علي بن أبي طالبرضياللهعنه أوّل ذكر أسلم.