وزيرك على ما بعثك الله) . فأمره رسول الله بالجلوس، وكرر الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم دعوته; فلم يجبه غير علىعليهالسلام ملبياً الدعوة معلناً المؤازرة والنصرة. وعندها التفت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الحاضرين من عشيرته وقال:(إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم (أوعليكم )فاسمعوا له وأطيعوا) . فنهض القوم من مجلسهم وهم يخاطبون أبا طالب ساخرين: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع)(١) .
ورغم احتياطات النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في المرحلة السابقة وتجنّبه الدخول في مواجهة مباشرة له أو لأحد من المسلمين مع قوى الشرك والوثنية فإنه كان يتعرّض خلالها للنقد واللوم اللاذع له ولبقيّة المسلمين.
وكان لدعوة بني هاشم إلى الدين الجديد الأثر البالغ والذكر الشائع في أوساط القبائل العربية فقد تبين لهم صدق وجدّية النبوة التي أعلنها محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم وآمن بها من آمن.
وبانقضاء السنوات الثلاث ـ أو الخمس ـ من بداية الدعوة نزل الأمر الإلهي بالصدع بالرسالة الإلهية والإنذار العام ليخرج الأمر عن الاتصال الفردي الذي كان يتمّ بعيداً عن الأنظار، فيدعو الجميع إلى رسالة الإسلام والايمان بالله الواحد الأحد، وقد وعد الله نبيّهصلىاللهعليهوآلهوسلم بتسديد خُطاه في مواجهة المستهزئين والمعاندين في قوله تعالى:( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) (٢) .
فتحرك النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم صادعاً بأمر الله بثقة مطلقة وعزيمة راسخة متحدياً
ــــــــــــ
(١) روي هذا الحديث في مصادر عديدة وبألفاظ متقاربة في: تاريخ الطبري: ٢ / ٤٠٤، السيرة الحلبية: ١ / ٤٦٠، شرح نهج البلاغة: ١٣ / ٢١٠ وراجع أيضاً : حياة محمد: ١٠٤، لمحمد حسين هيكل، الطبعة الأولى.
(٢) الحجر (١٥): ٩٤ ـ ٩٥.