نزلت آيات كثيرة من القرآن الكريم خلال أربع سنوات من حركة الرسالة تضمنت بيان عظمة التوحيد والدعوة إليه والإعجاز البلاغي والإنذار والوعيد لمخالفيه فتناقلتها الألسن وحوتها قلوب المؤمنين وانجذب إليها القاصي والداني لاستماعها واستيعابها.
ولما كان للبلاغة أكبر الأثر في النفوس قررت قريش وهي تحاول احتواء حركة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بوسائل متعددة أن تمنع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم من الاتصال بالجماهير وعرض دعوته عليهم أن لا يستمع القادم إلى مكة لما نزل من آيات القرآن، بعد أن فشلت في محاولة إغراء النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بالملك والسلطان عليهم والأموال الطائلة والشرف والسؤدد. ثم أردفوا ذلك بتشكيكهم في صحة دعوته; زاعمين أن الذي يعتري النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما هو حالة مرضية يسعون لعلاجها، فأجابهم النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم جواباً فيه كل الخير والشرف والنجاة لهم فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم :كلمة واحدة تقولونها تدين لكم بها العرب وتؤدي إليكم بها العجم الجزية ... ففزعوا لكلمته وحسبوا أنها نهاية المطاف فقالوا: نعم وأبيك عشراً... قالصلىاللهعليهوآلهوسلم :لا إله إلا الله فكان الردّ مفاجئة قوية خذلتهم فقاموا مستكبرين وهم يردّدون: ( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) (١) .
وعندها قرروا أن يلجأوا إلى الإهانة والسخرية من النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم وأتباعه الذين بدأوا يتزايدون كل يوم وتتعمق دعوته المباركة في النفوس فكان من أفعالهم قيام أبي لهب وزوجته أم جميل بطرح الشوك على باب بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
ــــــــــــ
(١) السيرة الحلبية: ١ / ٣٠٣، تاريخ الطبري: ٢ / ٤٠٩.