اذ كان بيته يجاورهم(١) . وأخذ أبو جهل يتعرض للنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فيؤذيه بقوله الفاحش ولكن الله كان للظالمين بالمرصاد إذ ما كان من حمزة عم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم حين علم بذلك إلاّ أن ردّ على أبي جهل إهانته أمام الملأ من قريش معلناً إسلامه وتحدّيه لجمعهم أن يردّوا عليه أو أن يتعرضوا ثانية للرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) .
تصورت قريش أنها بدهائها تستطيع أن تثني النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم عن رسالته، وقد بان لها استجابة الناس لدعوته المباركة. من هنا اقترح عتبة بن ربيعة ـ حين اجتمعت وجوه قريش ـ أن يذهب إلى النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ليحدّثه كي يكفّ عن دعوته، فمشى إليه والنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم جالس ـ وحده ـ في المسجد، وامتدح النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ومكانته في قريش وعرض عليه عروضه والنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ينصت مستمعاً فقال: يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً وإن كنت تريد به شرفاً سوّدناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رَ ئِيّاً تراه لا تستطيع ردّه عن نفسك طلبنا لك الطبّ وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه... ولما أتم كلامه قالصلىاللهعليهوآلهوسلم :أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم ، قالصلىاللهعليهوآلهوسلم :فاسمع مني ثم تلا قوله تعالى: ( تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ *وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ) (٣) واستمر النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم يقرأ الآيات الكريمة فانبهر عتبة لما سمع وألقى يديه خلف
ــــــــــــ
(١) السيرة النبوية: ١ / ٣٨٠.
(٢) السيرة النبوية: ١ / ٣١٣، تاريخ الطبري: ٢ / ٤١٦.
(٣) فصلت (٤١): ١ ـ ٥ .