9%

٥ ـ التعذيب وسيلة لقمع المؤمنين :

لقد عجزت قوى الكفر والشرك أن تثني الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحاب الحق عن الاستمرار في نشر الرسالة الإسلامية، مثلما عجزت عقولهم عن إدراك التوحيد والإيمان، وراحت كل جهودهم لإيقاف الرسالة أو تشويهها سدى فلم يجدوا بُدّاً من اتخاذ العنف والقسوة والتعذيب وسيلة لمحاربة أصحاب العقيدة فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب وفرض الجوع والعطش عليهم، محاولين أن يفتنوهم عن دينهم ورسالة ربّهم.

فهذا أمية بن خلف يخرج بلالاً إلى رمضاء مكة إذا حميت الظهيرة ليمارس تعذيبه بأبشع صورة، وهذا عمر بن الخطاب يعذب جارية له ـ لإسلامها ـ ضرباً حتى إذا عجز قال: إني أعتذر إليك، إني لم أتركك إلاّ ملالة، وهذه بنو مخزوم يخرجون عمّاراً وأباه وأمه يعذبونهم في رمضاء مكة فيمرّ بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول: (صبراً آل ياسر موعدكم الجنّة) ، حتى بلغ من تعذيبهم أن استشهدت سمية أم عمار (١) على أيديهم فكانت أول شهيدة في الإسلام.

وإذا حاولنا أن نرسم صورة عامّة لأساليب مواجهة قريش للرسالة والرسول وأتباعه فنستطيع أن نلخّص مراحل المواجهة في ما يلي:

١ ـ كان الاستهزاء والسخرية بشخصية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإضعاف مكانته في نفوس الناس من أبسط الأساليب. وقد مارس هذا الدور الوليد بن المغيرة (والد خالد)، وعقبة بن أبي معيط، والحكم بن العاص بن أمية، وأبو جهل.

ولكن التسديد الإلهي أحبط كل مساعيهم فقد قال القرآن الكريم:

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية : ١ / ٣١٧ ـ ٣٢٠ .