لقد كانت حركة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم جهاداً رسالياً متكاملاً، وكان منطقه وسلوكه وخلقه يحاكي الفطرة السليمة والأخلاق السامية، يناشد الحق في النفوس ليحييها ويدعو إلى الفضيلة لتنعم البشرية بها ولهذا لم ييأس الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم رغم اضطهاد قريش وقسوتها معه وصد الطائف وجفوتها، إذ كان يتحرك بين الناس ويدعو الجميع إلى دين الله ولا سيّما في مواسم العمرة والحج حيث تتوفّر فيها فرص تبليغية عظيمة فكانصلىاللهعليهوآلهوسلم يقف على منازل القبائل من العرب ويقول:(يا بني فلان إني رسول الله إليكم يأمركم أن تتعبدوا إليه ولا تشركوا به شيئاً وأن تؤمنوا بي وتصدقوني وتمنعوني حتى اُبيّن عن الله ما بعثني به) (١) .
وكرّر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مساعيه بالتحرّك على عدة قبائل غير آبه بما يلاقي من ردّ قاس أو اعتذار جميل. على أن بعضهم وجد في الانتماء إلى الإسلام مشروعاً سياسياً لبلوغ السلطان فحاول أن يساوم ولكن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ردّهم بلسان لا يعرف المساومة والتخاذل ولم يرد انتهاز الفرص على حساب المبادئ فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم :(الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء) (٢) .
وفي أثناء ذلك ربما مشى (أبو لهب) خلف النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يثبّط الناس عن متابعته فيقول: يا بني فلان إن هذا إنما يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم إلى ما جاء به من البدعة والضلالة فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه (٣) .
ــــــــــــ
(١) السيرة النبوية: ١ / ٤٢٣، تأريخ الطبري: ٢ / ٤٢٩، أنساب الأشراف: ١ / ٢٣٧.
(٢) السيرة النبوية: ١ / ٤٢٤، تأريخ الطبري: ٢ / ٤٣١.
(٣) السيرة النبوية: ١ / ٤٢٣، تاريخ الطبري: ٢ / ٤٣٠.