بين عمر وابن عباس في زمن خلافة عمر ، حين قال له عمر : يا ابن عباس ! أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه فقلت : إن لم أكن أدري فإنّ أمير المؤمنين يدري ، فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة فتجحفوا على قومكم ، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت(١) .
وثمّة أمر آخر يتعلّق بموضوع تحويل الخلافة عن عليّعليهالسلام وهو أنّ عليّاًعليهالسلام قد وتر قريشاً في حروبها ضد الإسلام وإنّ كلّ دم أراقه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بسيف عليّعليهالسلام وسيف غيره فإنّ العرب بعد وفاتهصلىاللهعليهوآلهوسلم عصبت تلك الدماء بعليّ وحده ، لأنّه لم يكن في رهط النبيّ مَن يستحق في شرع قريش وعاداتهم أن يعصب به تلك الدماء إلاّ عليّ وحده(٢) .
ملامح التخطيط لإقصاء الإمام عليّعليهالسلام عن الخلافة :
نلاحظ أنّ هناك تخطيطاً محكماً لدى الخطّ المناوئ لعليّعليهالسلام لأخذ الخلافة منه من خلال ما يلي:
١ ـ بقاؤهم في المدينة ومحاولتهم عدم الخروج منها مهما يكن من أمر ، وذلك عندما عرفوا أنّ النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم قد تدهورت صحّته، كما لاحظوا بأنّ النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك الأيام كان يكثر من التوصية بعليّعليهالسلام وضرورة اتّباعه لسلامة الدين والدولة.
٢ ـ حضورهم الدائم قرب الرسول ومحاولتهم الحيلولة دون حصول شيء يدعم ولاية عليّعليهالسلام ، فكان الشغب في مجلس النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم تحت الشعار الذي رفعه عمر :( حسبنا كتاب الله ) ثمّ اتهام النبيّ المعصومصلىاللهعليهوآلهوسلم بغلبة الوجع ممّا أزعج النبيّ ، حيث إنّ قول النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم :( إئتوني بدواة وكيف ) من غير المعقول أن يثير النفور والشكّ في نفوس الجميع دون سابق مضمر في نفوس البعض ، فلم يكن داعٍ لاعتراضهم إلاّ إثارة الشغب ومنع النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم عن الكتابة .
ــــــــــــ
(١) مروج الذهب : ٢ / ٢٥٣ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ١ / ١٨٩ ط دار إحياء التراث العربي ، الكامل في التأريخ : ٣ / ٦٣ و ٦٤ .
(٢) نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ٢٨٣ .